للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله إذا أخذت بزل المخاض سلاحها فالمراد بسلاحها محاسنها وأمارات عتقها وكرمها، كأنها تتحلى بتلك المحاسن في عين أربابها حتى تحلى، فيصير ذلك سبباً للضن بها. وقوله متلف المال كاسبه هو كقولهم: مفيد مفيت، ومخلاف متلاف، ومخلف متلف. والبزل: جمع بازل، وهو المتناهي قوة وشباباً. وأصل البزل الشق. والمخلض: النوق الحوامل، وهو اسم مصوغ للجمع كالقوم والنسوة. ومعنى تجرد فيها أي تشمر في عقرها ونحرها، يريد أن تحسنها بسلاحها في عينه لا يجدي عليها نفعاً، ولا يدفع عنها مكروهاً، لما به من إكرام الضيوف، ويوجب على نفسه من قضاء الحقوق.

وقال آخر:

أيا ابنة عبد الله وابنة مالك ... ويا ابنة ذي البردين والفرس الورد

إذا ما صنعت الزاد فالتمسيله ... أيلا فإني لست آكله وحدي

أخا طارقاً أو جار بيت فإنني ... أخاف مذمات الأحاديث من بعدي

وإني لعبد الضيف ما دام نازلاً ... وما في إلا تلك من شيم العبد

حسن تكرير ابنة وإن كان المراد واحدة لاختلاف المضاف إليه، والقصد إلى تفخيم أمرها وتعظيم شأنها. والذي يدل على ان المراد واحدة قوله إذا ما صنعت الزاد فالتمسي. ويعني بذي البردين عامر بن أحيمر بن بهدلة. وكان من حديث البردين حتى لقب به، أن وفود العرب اجتمعت عن المنذر بن ماء السماء - وهو المنذر بن امرىء القيس، وماء السماء أمه نسب إليها لشرفها. وقيل: ماء السماء لقبت به لصفاء نسبها، وقيل لنقاء لونها، يراد أنها كماء السماء لم يحتمل كدورة - فأخرج المنذر بن بردين يوماً يبلو الوفود، وقال: ليقم أعز العرب قبيلة فليأخذهما. فقام عامر بن أحيمر فأخذهما واترز بأحدهما وارتدى بالآخر، فقال له المنذر: بم أنت أعز العرب قبيلة؟ قال: العز والعدد في معد، ثم في نزار، ثم في مضر، ثم في خندف، ثم في تميم، ثم في سعد، ثم في كعب، ثم في عوف، ثم في بهدلة، فمن أنكر هذا فلينا فرني! فسكت الناس، فقال المنذر: هذه عشيرتك كما تزعم،

<<  <   >  >>