لعمر أبيك فأجبتها أو قلت لها. ومثل هذا يحذف في الكلام كثيراص. على ذلك قول الله عز وجل:" وأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم "، أي يقال لهم: أكفرتم بعد إيمانكم.
غضبت على أن اتصلت بطيء ... وأنا امرؤ من طيء الأجبال
وأنا امرؤ من آل حية منصبي ... وبنو جوين، فأسألي، أخوالي
يقول: أنكرت مني هذه المرأة انتسابي إلى طيء، وتأثلي فيهم، واعتزائي إليهم، وتغضبت لتجرني إلى تميم وتحولني فيهم، وذلك بعيد لا يقع في الوهم كونه، ولا يستجاز حصوله، وذلك أني رجل من طيء خرجت، وفي عشتها درجت، وعلى طرائقهم وشيمهم تخرجت، إذ كانوا الأصل الذي منه تفرعت، وعليهم إذا ذكرت المناسب نسبي أدرت. وقوله وأنا امرؤ من آل حية منصبي، وذكر طرفيه فزعم أن آل حية عمومته التي تؤويه، وأن بني جوين خؤولته التي تدنيه، والقصد إلى مراغمة تلك وتشهير نفسه بما تنكره منه. وقوله من طيء الأجبال يعني سلمى وأجأ. وهذه الإضافة على طرق التخصيص والتبيين، وذلك لأن طيئاً فرقتان: فرقة تنزل السفل من جبالهم، وفرقة تنزل العلو. وقوله منصبي يجوز أن يكون مبتدأ ومن آل حية خبره، والجملة في موضع الصفة لامرىء، ويجوز أن يكون من آل حية في موضع الصفة، ومنصبي في موضع الرفع على البدل من امرؤ، كأنه قال: أنا منصبي من آل حية. وقوله فاسألي اعتراض، وقد توسط المبتدأ والخبر، ومفعوله محذوف.
وإذا دعوت بني جديلة جاءني ... مرد على جرد المتون طوال
أحلامنا تزن الجبال رزانة ... ويزيد جاهلنا على الجهال
بنو جديلة: من طيىء. أراد أن يبين أنه كما يعتزى إليهم يقبلوله ويتبجحون بكونه منهم وينصرونه، فمتى استغاث بهم واستعانهم على دهره أو عدوه أعانه رجال مراد، على خيل جرد، وانتقموا له وانتصفوا من أعدائه. وقوله أحلامنا تزن الجبال، مدح نفسه وقبيلته والمراد أنهم من الوقار والسكون والرزانة والهدو في المنزل الأعلى، والمكان الأقصى، لا يتحلحلون للنوائب، ولا يتضعضعون للشدائد. هذا ما لم يحرجوا أو يحوجوا، فإن استجهلوا من بعد، واستجروا إلى الشر، وجد جاهلهم يزيد على الجهال قهراً وتأبياً، واشتطاطاً في