يخاطب بهذا الكلام عبد الله بم جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهم، فيقول: نعم الفتى أنت، أي محمود في الفتيان أنت ومحمود دارك وفناؤك، مأوى الطراق إذا وردوا. وقوله مأوى طارق أضافه إلى النكرة لأن القصد بطارق إلى الجنس، واسم الجنس في مثل هذا المكان وأن تنكر فائدته فائدة المعارف، وإذا كان كذلك كان قولك مأوى طارق بمنزلة مأوى الطراق. والمحمود هو المخاطب. ويجب أن يكون في نعم ضمير يعود إلى المخاطب، وقد اشمل عليه قوله نعم الفتى ونعم مأوى طارق، لأن فائدة نعم الرجل، محمود في الرجال. فكأنه قال: إنك محمود في الفتيان يا ابن جعفر. وقد قيل في قول القائل: زيد نعم الرجل: إنه لما كان القصد بالرجل إلى الجنس، وكان زيد منهم، اكتفى بكونه منهم من ضمير يعود إليه.
وقوله ورب ضيف طرق الحي سرى، يريد ليلاً؛ لأن السرى لا يكون إلا بالليل فالسري في موضع ظرف، واسم الزمان محذوف معه، وهو كقولك: جئتك مقدم الحاج وما أشبهه. فيقول: رب ضيف أتى الحي راجياً وجود القرى عنده، أنزلته فصادف في فنائك زاداً عتيداً، وحديثاً مؤنساً، وإكراماً مبراً. وقوله ما اشتهى في موضع الظرف، فهو كقوله:
أحدثه إن الحديث من القرى ... وتعلم نفسي أنه سوف يهجع