أراد بالأمير المهلب بن أبي صفرة. والمغيرة أخوه، ويزيد ابنه. وقائل هذا الشعر بشر بن المغيرة، وهو أحد الفرسان المشتهرين، فيقول: جفاني عمي المهلب، وأبي المغيرة، وصار يزيد ابن عمي لاقتدائه بهم منحرفاً عني، غير مائلٍ إلي. والازورار: الانحراف، وهو من الزور: تنو أحد شقي الصدر واطمئنان الآخر: ويقال رجل أزور، وامرأةٌ زوراء.
وكلهم قد نال شبعاً لبطنه ... وشبع الفتى لؤمٌ إذا جاع صاحبه
أراد بالكل الاتحاد لا الجميع. يقول: كل واحد منهم قد نال من الدنيا وأعراضها قدر ما يشبعه ويمكنه الاكتفاء به، ثم قال: وشبع الإنسان لؤمٌ إذا لم يشرك صاحبه فيه فبقي جائعاً. أي هو كذلك في ذلك الوقت، وعلى تلك الحالة. والشبع لا يكون لؤماً، لكن التفرد به من دون ذويه على حاجةٍ منهم إليه بكونه، فرمى بالكلام على ما ترى لأن المراد منه مفهوم. والفرق بين الشبع والشبع، أن الشبع بسكون الباء: القدر الذي يشبع، والشبع بفتح الباء: الامتلاء من الطعام، وقد استعمل الشبع في غير الطعام فيقال: أشبعت الثوب صبغاً، وكذلك في كل ما وفرته من القول وغيره، حتى قيل تشبع الرجل، إذا تكثر.
قوله " مهلاً " معناه رفقاً ودع العجلة. ويحرك الهاء منه فيقال ائت كذا على مهلٍ ومهلٍ جميعاً. ويقال: ما بي عن كذا مهلٌ، أي إني فيه مستعجل. وفي هذا بعض التوعد والتطنز وإن كان ظاهره أنه يستعطف المهلب ويعرفه أن الدهر ذو غيرٍ وذو ألوان فلا يؤمن بوائقه؛ وأنه قد يحتاج إلى المستغنى عنه لحادثةٍ تحدث. فيقول: ادخرني لنوبةٍ تنزل، وهي المصيبة أو النكبة، ولا تطرحني اغتراراً بالأمن، فإن الدهر كثير النوائب، وشيك التحول. وقوله " يا عم " حذف الياء منه لوقوعه موقع ما يحذف في هذا الباب، وهو التنوين، ولأن باب النداء باب إيجاز، ولأن الكسرة تدل عليه.
أنا السيف إلا أن للسيف نبوةً ... ومثلي لا تنبو عليك مضاربه
يفضل نفسه في نفاذه في الأمور ومضائه، على السيف؛ فقال أولاً: أنا السيف، أي أشبهه، ثم تلافى فقال: إلا أن السيف ربما نبا عن الضريبة وكبا، ومثلي لا تكل