قوله بما يرضي يدل على أنه أضمر مع قوله أبكاني الدهر شيئاً يكون في مقابلته، وحذف لأن المراد مفهومٌ. والمعنى أبكاني الدهر بما يسخط. وقوله يا ربما المنادى فيه محذوف، كأنه قال: يا قوم ربما. وهذا النداء على وجه التحسر والتوجع من معاملة الدهر وسوء تنقله. وقوله ربما ما هذه دخلت كافة لرب العمل، ومخرجه لها إلى أن تصير مشتركة حتى جاز وقوع أضحكني بعده. ومثله قوله تعالى:" ربما يود الذين كفروا ". ومعنى البيت: أبكاني الدهر بما أسخطني، ويا قوم ربما أضحكني الدهر فيما مضى بما أرضاني. وفي طريقته قول الآخر:
فإن تسكن الأيام أحسن مرةً ... إلى فقد عادت لهن ذنوب
لولا بنياتٌ كزغب القطا ... رددن من بعضٍ إلى بعض
بنياتٌ في موضع المبتدأ، وجاز الابتداء به لكونه محدوداً بما اتصل به من الصفات. وجواب لولا لكان لي مضطربٌ واسعٌ وهو أول البيت الذي يليه، واستغنى به عن خير المبتدأ، والتقدير: لولا بنياتٌ صفاتهن هذه مانعةٌ لي لفعلت. ومعنى البيت: لولا بنياتٌ لي صغيراتٌ كفراخ القطا التي عليها الزغب - وهو الشعر اللين لصغرهن - اجتمعن لي في مدةٍ يسيرةٍ، فمن ثانيةٍ بعد أولى، وواحدةٍ إلى جنب أخرى فكثرن - لكان كذا. ومثله:
تجمعن من شتى ثلاثاً وأربعاً ... وواحدة حتى اجتمعن ثمانيا
أى جئن متوالياب. ويروى:" رددن من بعضي إلى بعضي "، بفتح الراء من رددن وإضافة البعض، والمعنى: قوسنني وحنين ظهري. ويجوز في الرواية الأولى أن يكون المعنى أن هذه البنات زوجن فرددن مع بناتٍ لهن صغار. ويقال: ابنتك مردودة، أي مطلقةٌ. وإلي في موضع مع، يقال هذا إلى ذلك أي معه. ويكون " من بعضٍ إلى بعض " في موضع الحال، أي رددن مع غيرهن. وقد شبه لحطيئة وغيره