ونحن أجرنا الحي كلباً وقد أتت ... لها حميرٌ تزجي الوشيج المقوما
يقول: أدخلنا في جوارنا هذه القبيلة، وضمنا لها الذب عنها وسلامتها على ما يعرض لها، وقد قصدت لها حمير بعددها وعدتها، تسوق نحوها الخيل المطهمة، والرماح المنقفة. والوشيج أصله عروقٌ، ثم جعل للرماح أنفسها. وجعلها مثقفةٍ، ليرى عنايتهم بإعداد الآلة لزمان المقاتلة.
تركنا لهم شق الشمال فأصبحوا ... جميعاً يزجون المطي المخزما
لهم يعني لحمير. والعرب تجعل الشمال كنايةً عن الشؤم. فمن أمثالهم:
صبحناهم فغدوا شأمةً
ويقولون: خليناهم والجانب الأشأم، وخليناهم والناحية الشؤمي. فكأنهم يقولون ذلك للمنهزم وإن كان مأخذه في الشق الأيمن، لأن الشؤم معه والإدبار، أي طريق أخذ، ومسلكٍ توجه. وهذا كما يقال: فلانٌ مني باليمين، وفلانٌ بالشمال، وفلانٌ بعلياء عندي، وفلانٌ في المهابط؛ إذا جعلت منزلته عليةً أو متسفلةً. ومعنى البيت: خلينا لهم في الانهزام شق الشؤم وجانبه، فأصبحوا يزجون مطاياهم مخزمةً حسرى كالةً لا يبقى على وجاها، ولا يتقي حفاها والخزم: الشد والقطع. ويقال شراك مخزوم، أي مقطوعٌ.
فلما دنوا صلنا ففرق جمعهم ... سحابتنا تندى أسرتهم دما
يقول، لما قربوا في الالتقاء، صلنا عليهم وبطشنا بهم، فبدد شملهم جيشنا الذي كأنه سحابةٌ تندى طرائقها دماً. جعل السحابة ترشح بالدم لما كثر سفكهم له. وتندى في موضع الحال. وانتصب دماً على التمييز. ويقال: ندى يندى ندىً. والأسرة: الأوساط والطرائق، واحدها سررٌ، ويستعمل في بطون الأودية أيضاً.
فغادرن قليلاً من مقاول حميرٍ ... كأن يخديه من الدم عندما