جمعهم من سبب العمومة ونسبها. ويروى:" على ذات بيننا، زرابي " كأنه أراد بذات بينهم خالصة النسب والقرابة، ثم جعل فوقها ما قد غمرها وسترها من زراني الفساد. ويروى:
.............. على ذاك بيننا ... تناء وفينا بغضةٌ وتنافس
والمعنى: وعلى ما يجمعنا من الرحم ينأى بعضنا عن البعض، ومع ذلك بيننا تدابرٌ وتباغضٌ، وتهاجر وتقاطع. كأنهم جعلوا التنائي مداواةً في إزالة ما بينهم فلم ينفع.
العس: القدح الضخم. والشعب، يستعمل في الجمع والتفريق. ويقال أيضاً: تفرق شعبهم. والشاعب ها هنا: مصلح القداح. يقول: استحكم الفساد بيننا حتى لا يقبل صلحاً ولا صلاحا، وتفاقم الانصداع حتى لا يلتحم تبايناً وتدافعاً، فلن تعود الحال إلى ما كانت وإن أمسكنا عن إثارة الشر والزيادة فيه زماناً، وتصنعنا في الاحتمال والمقاربة إبقاء على الحظ من المراجعة وإدناءً، بل يكون ما بيننا كالشق في القدح، إن أعطى شاعباً تركه والعيب ظاهر فيه، غير منكتم ولا خافٍ. والمتشاخس: المتفاوت المتباين. ومنه قولهم: تشاخست أسنانه من الكبر، إذا احتلفت. قال الخليل: هو أن يسقط بعضها ويميل بعضها. وقيل الشخس في الأصل فتح الفم للتثاؤب. ويجوز أن يريد بقوله " وفيه عيبه ": ومعيبه هكذا. وفي طريقته قول الآخر:
ومن الموالي ضب جندلةٍ ... نخر المودة ظاهر الغمر
وقد أحسن أبانٌ اللاحقي في مزدوجته حين قال:
وإنما مودة الأشرار ... في وهيها كمثل الفخار
يصيبه أدنى يد فينكسر ... وليس يرحى شعبه إذا جبر
كفى بيننا ألا ترد تحيةٌ ... على جانبٍ ولا يشمت عاطس
يروى " يشمت " بالشين والسين، وهما بمعنى واحد، وسمعت أبا عليٍ الفارسي يقول في اشتقاق التسميت بالسين غير معجمة - وهو قولك للعاطس: يرحمك الله - فقال: كأنه إذا عطس لحقته نفضةٌ في جسمه، فإذا دعا الداعي له فكأنه رده إلى سمته