للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطالب. ويقال: أقبسني نارك. والمتنور: المتفعل من النار. ويقال تنورت النار، أي نظرت إليها واستضأت بنورها. ومنه قول امرئ القيس:

تنورتها من أذرعاتٍ وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظرٌ عل

وموضع " صفيحة وجهه " مع خبره نصب على أن يكون صفةً لصعلوكاً وخبر لكن يجيء فيما يجيء من بعد. وقوله " صفيحة وجهه " حذف المضاف منه لأن المراد ضوء صفيحه وجهه كضوء شهابٍ، فأقام المضاف إليه مقامه.

مطلاً على أعدائه يزجرونه ... بساحتهم زجر المنيح المشهر

يقال: أطل على كذا، إذا أوفى عليه. والمنيح، قال الخليل: هو الثامن من القداح. وقال أبو عمرو: المنيح والسفيح والوغد قداحٌ لا انصباء لها، وإنما يكثر بها القداح فهي تجال أبداً، وقال الأصمعي: المنيج الذي لا يعتد به. فيقول: ولكن الفقير الوضئ الوجه، الذي يبذل جهده ويبتذل نفسه في طلب غناه، ويقصر سعيه على ما يبلغ به عذره فيشرف على أعدائه غازياً ومغيراً، وهم يزجرونه حالاً بعد حالٍ، ويكرهو عليهم وقتاً بعد وقتٍ يزجر هذا القدح في خروجه ومع ذلك يرد. وخبر لكن بعد لم يجيء.

إذا بعدوا لا يأمنون اقترابه ... تشوف أهل الغائب المنتطر

يقول: هذا الفقير لا يقعد به عن طلب الأعداء والإغارة عليهم والنيل منهم بعد الغزاة وتنائي الدار، فهم لا يأمنونه وإن شحطوا، بل يتشوفونه تشوف الغائب المتنظر، أي كما يتشوف غائبٌ دنا قفوله وينتظر. وانتصب " تشوف " على المصدر فيما دل عليه لا يأمنون اقترابه، ومفعول تشوفٌ محذوفٌ، كأنه قال تشوف أهل الغائب رجوعه.

فذلك إن يلق المنية يلقها ... حميداً وإن يستغن يوماً فأجدر

يقول: ذلك الصعلوك إن أدركه الأجل، قبل نيل الأمل، لقيه محموداً، إذ كان قد فعل ما وجب عليه، وأقام عذره في مطلوبه باستفراغ الوسع في السعي له، وإذ كان التبعة فيما فات على من يملك العواقب دونه. وإن نال الغني يوماً فما أخلقه بذلك. وقوله " إن يلق المنية " خبر قوله ولكن صعلوكاً لو انفرد عن قوله فذلك، لكنه لما تراخى الخبر عن المخبر عنه وتباعد المقتضي عن المقتضى له أتى بقوله فذلك،

<<  <   >  >>