للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقولك سائل تميما هل كان مني وفاءٌ بما تضمنته لجاري، فإني رجلٌ نظارٌ في أعقاب الأحاديث، مهتمٌ بإعداد المكارم ليوم النفار، شديد النزاع في مجالس الفخار. كأنه يقرر خصماءه على ما كان من وفائه، ليسقط التبعة عنه فيه، وينبه على أنه يراعي أفعاله فيخلصها مما يعد سيئةً وسبةً ووصمةً في حسبه.

وأخذت جار بني سلامة عنوةً ... فدفعت ربقته إلى عتاب

عتاب هذا كان معتصماً بحبله، ومستظهراً بذمته، فلحقه من بني سلامة اهتضامٌ في أمرٍ، فجاء مساورٌ ومكنه من جارهم، وأعطاه ربقته ليتحكم فيه، ويشتفي لما لحقه منهم. وهذا الكلام بيانٌ لكيفية وفائه والخروج إلى جاره مما كان تضمن له. وقوله " عنوةً " أي قهراً، وهو مصدرٌ في موضع الحال. ويقال: أخذ بلد كذا عنوةً، أي قهراً بالسيف. والربقة: الحبل يشد في عنق البهم، وقد توسعوا فيه فقالوا: خلع فلانٌ ربقة الإسلام. وقوله فدفعت ربقته "، هو كما يقال دفعت مقادته.

وجلبته من أهل أبضة طائعاً ... حتى تحكم فيه أهل إراب

الهاء من " جليته " ترجع إلى دار بني سلامة. وأبضة: اسم ماء. وقوله " جلبته طائعاً " تنبيهٌ على أنه وإن لزمه لجاره الانتقام له من خصمه ومهتضميه فقد تبرع له بما لم يكن عليه، وتكلف فيه ما لم يلزمه. وإراب: موضع، وقيل إراب: ماءٌ لبنى العنبر. وأبضة: ماءٌ لطيئ. والأبض كالعقل، ومنه المأبض في الرجل. وقيل للغراب مؤتبض النسا، لأنه يحجل فكأنه مأبوض.

قتلوا ابن أختهم وجار بيوتهم ... من حينهم وسفاهة الألباب

يشهر بفعلتهم الذميم ويندد، فيقول: قطعوا الرحم ونقضوا العهد، وارتكبوا ما كان محظوراً في الدين والمروة، والعهد والذمة، فقتلوا جارهم وابن أخيهم، بخفة عقولهم، واقتراب هلاكهم. والسفه: الخفة في الأصل، ومنه قيل زمامٌ سفيهٌ، إذا كان كثير الاضطراب، ومنه قيل: تسفهت الريح الغصن، وتسفهته عن ما له. واللب: العقل، والفعل منه لب يلب. وقالت صفية بنت عبد المطلب: أضربه لكي يلب، ويقود الجيش ذا الجلب.

غدرت جذيمة غير أني لم أكن ... أبدً لأولف غدرة أثوابي

غيرهم باستعمال الغدر وترك الوفاء للجار، ثم برأ ساحته من تعاطي مثل فعلهم، ونزه نفسه عن ارتكاب نظير ما ارتكبوه. فأما قوله " لم أكن لأولف " فاللام فيه

<<  <   >  >>