للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأضحت زهيرٌ في السنين التي مضت ... وما بعد لا يدعون إلا الأشائما

أنث الفعل لأن المراد بذكر زهير القبيلة بأسرها، ومعنى يدعون يسمون، كما قال ابن أحمر:

وكنت أدعوت قذاها الإثمد القردا

يريد أسمي، ولذلك تعدى إلى مفعولين، فيقول: صار أسلاف بني زهير ابن حذيفة وأخلافهم لا يسمون قديماً ولا حديثاً إلا المشائم. والأشائم: جمع أشأم. ويقال: جرت لهم طيرٌ أشائم، أي جرت لهم بالشؤم. وقال زهير:

فتنتج لكم غلمان أشأم

أي غلمان أمرٍ أشأم. وقوله " في السنين " يجوز أن يكون ظرفاً لأضحت، ويجوز أن يكون ظرفاً لقوله " لا يدعون ". وقوله " وما بعد " يراد به وفيما بعد فيكون ما معطوفاً على السنين. ويجوز أن يكون موضع " ما " نصباً على أن يكون معطوفاً على موضع في السنين لا على لفظه، لأن موضعه نصبٌ لكونه ظرفاً. ويجوز أن يجعل ما صلةً، كأنه في السنين الماضية وبعدها. ويجوز أن يروى: " ومن بعد لا يدعون "، وهو حسنٌ. وذكر بعضهم أن ما من قوله " وما بعد " لا يجوز أن يكون إلا صلةً وزائدةً لأن بعد لما جعل غايةً ودخله النقصان بحذف ما كان مضافاً إليه امتنع من أن يكون مبيناً على شيءٍ وخبراً عنه، وإذا امتنع من ذلك امتنع أن يكون صلةً لموصول، لأن الذي يكون صلةً من الظروف والجمل هو ما جاز أن يكون خبر المبتدأ. وليس الأمر على ما قاله، ألا ترى أن قوله عز وجل: " قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقاً من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف ". معناه: ومن قبل الذي فرطتم في يوسف، أي قدمتم. ويجوز أن يراد: ومن قبل تفريطكم، فيكون ما مع الفعل في تقدير مصدرٍ. وعلى الوجهين جميعاً ما في موضع رفع ومن قبل خبره. وذكر أبو إسحاق الزجاج في ما من الآية ثلاثة أوجهٍ، ما ذكرنا أحدها. وإذا

<<  <   >  >>