للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأوقد ناراً بينهم بضرامها ... لها وهجٌ للمصطلى غير طائلٍ

هذا من جملة الدعاء. والكلام يدل على استعجاله بحصول الحالة لتمناة فيقول: وأجج بينهم نار الشر بما يلهبها حتى يصير لها وهجٌ لا خير فيه لمن يدنو منه ويصطلى به. وخص الضرام لأنه يسرع ذهاب النار فيه فيعلو لهبها. إن قيل: لم كرر طلب اتقاد النار في البيت الأول والثاني؟ قلت: الأول أراد به نار الحرب، والثاني أرد به نار الخلاف والشر المنتتج عن النمائم والوشايات، حتى أن من دخل فيهم طالباً لإيقاع صلحٍ وصلاحٍ بينهم لم يقدر على إزالته، وكان خليقاً بأن يشقى شقاوتهم، ويدخل مداخلهم. وقد مر القول في طائلٍ، وأنه من الطول. ويقال: ما حليت من هذا الأمر بطائلٍ.

إذا حملتني والسلاح مشيحةٌ ... إلى الروع لم أصبح على سلم وائل

المشيح والشائح والشيح واحدٌ. قال:

مشيحٌ فوق شيحانٍ

يعني رجلاً على فرسٍ. وقال:

وشايحت قبل القوم إنك شيح

فيقول: إذا جال تحتي وعلى سلاحي قاصداً إلى الحرب فرسٌ جادةٌ، لم أصالح وائلاً، ولم أرض منها إلا بالشفاء والاشتفاء. والمشايحة: المحاذرة. والمشيح: الحازم.

فدًى لفتًى ألقى إلي برأسها ... تلادى وأهلي من صديقٍ وجامل

قوله " ألقى إلي برأسها " أي وهبها لي ومكنني من قيادها بنفسي. وذكر الرأس كما يقال: هو يرتبط كذا رأساً وكذا ظهراً. وذكر الإلقاء كما يقال: ألقى إليه مقاليد الأمور. والمعنى: أفدى بمالي القديم وأهلي المصادقين فتًى مكنني من هذه المهرة

<<  <   >  >>