للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المرأة تحيتي. كأنه يدعو نفسها إلى إهداء التحية إليها على بعدها. وفي الوجه الأول يجوز أن تكون المرأة قريبةً.

فإني لذو مرةٍ مرةٍ ... إذا ركبت حالةٌ حالها

المرة: القوة والقتل، ومنه قولهم: استمرت مريرته، واستمر عذاره، في الإباء والتمنع. ولم يرض بأن جعل لنفسه مرةً حتى وصفها بأنها مرةٌ، يعني في فيم ذائقها، وعند تجربة مزاولها. وهذا التجنيس حسن المورد. والضمير من قوله حالها يعود إلى الحالة، كأنه أضافه إليها لما كانت تليها، وجعلها مركوبها. فيقول: افعل ذلك واصرف همك إليها، وإلى الدعاء لها، وطلب السقيا لديارها، ولا تبال بما يعن ويعرض من مزاحمة عدوٍ، أو مراغمة حسودٍ، فإني لذو قوة لا تستحليها الفرق المنابذة، إذا تراكمت الأمور، وتراكبت الأحوال والوجوه، فخفيت مواردها ومصدرها، والتبست فصولها ووصولها.

أقدم بالزجر قبل الوعيد ... لتنهى القبائل جهالها

يجوز أن يكون أقدم بمعنى أتقدم، ويكون الباء من بالزجر في موضعه. ومثله نبه بمعنى تنبه، ووجه بمعنى توجه، ونكب بمعنى تنكب. ويجوز أن يكون قدم ضد أخر، ووجب أن يقول: أقدم للزجر، فجعل الباء زائدةً للتأكيد، كما جاء في قوله: " تنبت بالدهن وصبغٍ للآكلين " لذلك. ومثله قول الشاعر:

سود المحاجر لا يقرأن بالسور

ومعنى البيت: أزجر المتعرض لي قبل أن أتوعده، وأعظه بالنهي والتحذير قبل تخشين الجانب له، لكي ينهى حكماء القبائل سفهاءها، وليكون مني تدرج في مؤاخذتهم؛ فابتدئ بالزجر، ثم أرتقي إلى الوعيد، ثم إلى الإيقاع.

وقافيةٍ مثل حد السنان ... تبقى ويذهب من قالها

تجودت في مجلسٍ واحدٍ ... قراها وتسعين أمثالها

<<  <   >  >>