للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال قوالٌ:

قولا لهذا المرء ذو جاء ساعياً ... هلم فإن المشرفي الفرائض

قوله ذو جاء ساعياً ذو بمعنى الذي، وهي لفظةٌ طائيةٌ تجيء بهذه الصورة في كل حالٍ ولا تغير. وقوله هلم لهم فيه طريقان: منهم من يجعله اسماً للفعل فلا يغيره عن حاله في المؤنث والتثنية والجمع، وهم أهل الحجاز. وفي القرآن: " والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ". ومنهم من يجعله هاء التنبيه وقد ركب مع لم وهو فعلٌ، فيثنيه ويجمعه ويؤنثه. وعلى الطريقتين جميعاً يكون ميمه مفتوحة ولا يجريه مجرى رد وزر، فيكسر آخره ويضم وإن كان فعلاً، وذلك لأن التركيب قد غيره فسلب بعض أحكامه. ومعنى البيت: أبلغا المرء الذي جاء والياً للصدقات ومستوفياً لها: أقبل وتعال، فإن الذي تعطى بدلاً من الفرائض السيف. وهذا في جعله المشرفي هو الفرائض مجازاً، كما قال الآخر:

تحية بينهم ضربٌ وجيع

والفرائض: الأسنان التي تصلح لأن تؤخذ في الصدقات. والمشرفي: السيف نسب إلى المشارف: قرىً لهم كانت تطبع السيوف فيها. وقد حكي في المرء الامرؤ وقد بقى ألف الوصل مع دخول الألف واللام، إلا أنه قيل.

وإن لنا حمضاً من الموت منقعاً ... وإنك مختلٌ فهل أنت حامض

العرب تقول: " الخلة خبز الإبل والحمض فاكهتها ". ومعنى منقعاً ثابتاً، يقال " أنقع له الشر حتى يسأم " أي أدمه. والمختل: راعي الخلة، وكانت الإبل إذا بشمت الخلة وسئمته حتى اتخمت منه، نقلوها إلى الحمض لتشتهي الخلة ثانياً. وهذا مثلٌ ضربه لهذا الساعي. يقول: إنك مللت العافية والسلامة، فهلم إلى البلاء والشر من الولاية.

أظنك دون المال ذو جئت تبتغي ... ستلقاك بيضٌ للنفوس قوابض

<<  <   >  >>