واسم الزمان يضاف إلى الجمل من الابتداء والخبر، والفعل والفاعل، وكأنه قال: وهذا الذي ذكرت هو في هذا الأوان. وقوله حي ذبابه أي عاش بالخصب فيه. وزنابيره يرتفع على أنه بدلٌ من الذباب. وذباب الروض قد تسمى الزنابير. وقوله والأزرق المتلمس إشارة إلى جنسٍ آخر غير الأول، وهو ما كان أخضر ضخماً. والمتلمس: الطالب، ويقال إنه سمي المتلمس بهذا البيت، واسمه جرير بن عبد العزى.
يكون نذيرٌ من ورائي جنةً ... وينصرني منهم جليٌ وأحمس
وجمع بني قران فاعرض عليهم ... فإن يقبلوا هاتا التي نحن نوبس
قوله " يكون نذيرٌ " قيل فيه هو نذير بن بهثة بن وهب بن حرب. وقيل أراد بالنذير المنذر. والمعنى: إني أرصد لهم من ينذرني بهم فيخبرني بمجيهئهم إذا هموا به، فأتقي وأستجن وأتحرز. وجليٌ وأحمس من ضبيعة بن ربيعة بن نزار يقول: وإذا جاء وقت التجاذب والتدافع قام بنصري هذان البطنان. وقوله وجمع بني قران النصب فيه على إضمار فعل، كأنه قال: سم جمع بني قران، ويكون الفعل الظاهر تفسير المضمر؛ والرفع على الابتداء. ومعنى البيت: أجرونا مجرى نظرائنا فإنا نرضى بهم قدوةً، واعرضوا ما تسوموننا على بني قران، فإن وجدتموهم يتلقونه بالقبول، ويوطنون أنفسهم عليه، فلنا بهم أسوةً، وإلا فالامتناع منه واجبٌ. وقوله هاتا التي نحن نوبس أي هذه الخطة التي نكره عليها. والأبس: القهر. وقال ابن الأعرابي: أبست الرجل، إذ لقيته بما يكره؛ وأبست منه، إذا وضعت منه باستخفافٍ به وإهانةٍ له. وجواب الجزاء لم يجيء بعد.
وإن يك عنا في حبيبٍ تثاقلٌ ... فقد كان منا مقنبٌ ما يعرس
قوله فإن يقبلوا بالود أعاد به الشرط، وذاك أنه قال في البيت الذي قبله فإن يقبلوا هاتا التي نجن نوبس، ولم يأت للشرط بجوابٍ، ثم قال فإن يقبلوا بالود نقبل بمثله، فاكتفى بجوابٍ واحد لاشتماله على ما يكون جواباً لهما، فكأنه قال: إن قبلوا ما نوبس نقبل مثله، وإن أقبلوا بعد ذلك وادين ووامقين أقبلنا بمثله، وإلا فنحن أشد