إذا هزه في عظم قرنٍ تهللت ... نواجذ أفواه المنايا الضواحك
وإن كان هذا أبلغ؛ جعل ضحك الموت تألق السيف إذا جرد من الغمد سروراً به، وذلك جعله إلى المضروب به ثقةً بكونه له. ويقال أومض وومض، إذا لمع. ورواه بعضهم:" أومضت إليه منايا الموت "، وهو تصحيف.
ويا عجل عجل القاتلين بذحلهم ... غريباً لدينا من قبائل يحصب
جنيتم وجرتم إذا أخذتم بحقكم ... زعمتم غريباً مرملاً غير مذنب
قوله عجل القاتلين وإضافة البعض إلى الكل، وكرره توكيداً. ولك أن تضم عجل الأول وتنصب الثاني على البدل، أو على عطف البيان. وبنو عجلٍ كانوا موتورين بما ارتكب منهم قبيلة الشاعر، وهم بنو مازنٍ، فلم يطلبوا ذخلهم من وجهه، ولا أدركوا الثأر من كاسبه، لكنهم أخذوا غريباً كان جاور بني مازن فقتلوه، فقال هذا الشاعر في مخاطبتهم معيراً، وهازئاً متهكماً: يا عجل القاتلين بوترهم غريباً كان عندنا من بني يحصب، لم يسع في اكتساب الثأر الذي تدعونه، ولا أعمل فيه يداه وسنانه حتى جنيتم وعدلتم عن طريق الرشاد، إذ أخذتم بحقكم على زعمكم غير واتركم. فقوله: إذ أخذتم بحقكم زعمتم يجوز أن يضعف بالزعم دعواهم الحق المشار إليه، ويجوز أن يضعف ما توهموه من درك الثأر بما فعلوه. ويجوز أن يضعف الأمرين جميعاً، وهو الأشبه. فإن قيل: أين مفعولا زعمتم، وكيف ساغ حذفهما؟ قلت: الحذف هنا كالحذف في قوله تعالى: " أين شركائي الذين كنتم تزعمون ". وكالحذف في قول الكميت:
بأي كتابٍ أم بأية سنةٍ ... ترى حبهم عاراً عليك وتحسب
فكما حذف مفعولا تحسب في بيبت الكميت، ومفعولا تزعموت في الآية، كذلك حذف مفعولا زعمتم من هذا البيت، ويكون التقدير: إذ أخذتم بحقكم زعمتموه مأخوذاً رجلاً هذا صفته، وبحقكم زعمتموه ثاناي، فحذف ذكر الحق لما