يكتب طال منفصلاً من ما. ويجوز أن يكون ما كافةً للفعل عن العمل، ومخرجاً له من بابه، ولذلك جاز وقوع الفعل بعده، وإن كان الفعل لا يدخل على الفعل، وعلى ذلك يكتب طال متصلاً بما لأنه منه ومن تمامه. ومعنى عمرت: بقيت وحييت. والعمر، قال الخليل: هو الحياة والبقاء، ومه لعمر الله. وقول الشاعر:
وعمرت حرساً قبل مجرى داحسٍ ... لو كان للنفس اللجوج خلود
يشهد لذلك. وقوله لا أرى العمر أراد اتصال العمر وطوله، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. وذكر بعضهم أن أبا تمام أخطأ في قوله:
ما لأمرئٍ خاض في بحر الهوى عمرٌ ... إلا وللبين منه السهل والجبل
لأن العمر اسم مدة الحياة بأسرها لا يتبعض، فكما لا يقال ما لزيدٍ رأسٌ إلا وفيه شجةٌ، كذلك لا يقال ما له عمرٌ إلا وهو قصير. قال: وليس قولهم: ما له عيشٌ إلا منغصٌ، والحياة إلا مكدرةٌ، مثل قولك ما له عمرٌ إلا قصير. لو قلته، لأن عيش الإنسان ليس هو مدة حياته بأسرها. ألا ترى أنك تقول: كان عيشي بالعراق طيباً، وكانت حياتي بمصر لذيذةً، ولا تقول كان عمري. والذي قاله هذا المعترض على أبي تمام يبطله ما حكيته عن الخليل في تفسير العمر، والبيت الذي أنشدته. ألا ترى أن قوله عمرت حرساً قبل مجرى داحسٍ يقتضي تبعيض عمره، إذ كان ما بعده من عمره قد أفرده عما قبله، وإذا كان الأمر على هذا جاز أن يقال: كان عمري قبل مجرى داحسٍ أطيب من عمري بعده. وفي القرآن:" فقد لبثت فيكم عمراً " أي بعض عمري، فحذف المضاف.
مضت مائةٌ من مولدي فنضوتها ... وخمسٌ تباعٌ بعد ذاك وأربع
هذا تفصيل ما ألجمه من كبرته. يقول: أتت علي مائة سنةٍ من ميلادي فألغيتها ورائي، كأني لبستها ثم خلعتها واستتبعت بعدها تسعاً توالت، فلي عذر في ضعفٍ يظهر، أو كسلٍ يلحق، إذ كنت غابر لداتٍ فنوا، ومتعرق أعوامٍ باد أهلها فنسوا. قوله فنضيتها يروى فنضوتها. ويقال نضا ثوبه ينضو وينضي إذا نزعه، لغتان. على