وقوله لكنت كمهريق الذي جواب القسم، وبعضهم رواه: فكنت كمهريق وعلى هذا يكون الجواب محذوفاً. وقد حمل الكلام على المعنى لظهور المراد منه دون اللفظ، والأول أكشف.
كمرضعةٍ أولاد أخرى وضيعت ... بني بطنها هذا الضلال عن القصد
يجوز أن يكون المرضعة امرأةً فعلت ذلك فضرب المثل بهذا، ويشهد لذلك قول الآخر:
كمرضعةٍ أولاد أخرى وضيعت ... بنيها فلم ترقع بذلك مرقعا
ويقال: النعام تفعل ذلك لسوء هدايتها، فتترك الواحدة منها بيض نفسها وتسوم في المرعى، فإذا أرادت العود إليها لم تهتد، فتجثم على بيض غيرها. ويشهد لهذا الوجه قول الآخر:
وقوله هذا الضلال عن القصد يجري مجرى قوله كيف أصبر عن ود، في أنه من باب الالتفات. ومثلهما قول جرير:
متى كان الخيام بذي طلوحٍ ... سقيت الغيث أيتها الخيام
والشاعر لم يقنعه التشبيه الأول ولم يكتف به، لأن الثاني أدل على الحال فيما يروم تصويره، وأشبه بقصته إذا فعل فعلته. والقصد: الطريق المستقيم، وهو المقصود.