هم كشفوا عيبة العائبين ... من العار أو جههم كالحمم
حمدهم لما ظهر من وفائهم وبلائهم، ففداهم وأثنى عليهم. والمعلم: الذي شهر نفسه في الحرب بعلامةٍ لكي إذا أبلى عرف بها. والعجاج: الغبار، وكذلك العجاجة. ويقال لف عجاجته على بني فلانٍ، إذا أغار عليهم. وقوله خالي في موضع الرفع، لأنه خبر المبتدأ. وقوله هم كشفوا عيبة العائبين: العيبة: شبه الخريطة من الأدم. وهذا مثل، أي أظهروا من عيب من كان يطلب عيبهم ما كان خافياً، وكذبوهم فيما كانوا يختلقونه ويتنفقونه به، فكأنهم كشفوا عيابهم المنطوية على عيوبهم، فاسودت وجوههم بما غشيها من العار حتى صارت كالحمم. ويقال:" فلانٌ عيبة عيوبٍ، ومذنب ذنوب ". ويقال: عاب المتاع وغيره، إذا صار ذا عيبٍ؛ وعبته أنا، أي جعلت فيه عيباً. وعلى هذا قول الله تعالى: فأردت أن أعيبها. والحمم: الفحم. ويقال جاريةٌ حممةٌ، أي سوداء.
إذا الخيل صاحت صياح النسور ... حززنا شراسيفها بالجذم
يقول: إذا ضجت الخيل من الطعن الواقع على نحورها، وهمت بالازورار أكرهناها على الصبر والتقدم. ومثله قول خذاش بن زهير:
يصيحون مثل صياح النسو ... ر من أسلٍ واردٍ صادر
ومعنى حززنا قطعنا. والشراسيف: مقاط الأضلاع: والجذم: السياط. وقوله صاحت صياح النسور، يريد صياحاً يشبه صياح النسور. وإذا ظرفٌ لقوه حززنا.
إذا الدهر عضتك أنيابه ... لدى الشر فأزم به ما أزم
هذا مثلٌ، والذي أشار إليه بالأنياب نوب الدهر وحوادثه. وقوله فأزم به أي اعضض به، والمعنى صابره. والتوسع في الأزم والعض على طريقةٍ، يقال: هذا عضيضي وأنا عضيضه، أي نتشاكس في الأمر. وإني لعضاض عيشٍ، أي صبورٌ على شدته. و " ما أزم " ما مع الفعل في تقدير المصدر، واسم الزمان محذوفٌ معه، فهو