للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قاله قول الآخر:

فلم تنسني أوفى المصيبات بعده ... ولكن نكء القرح بالقرح أوجع

ولم أدر من ألقى عليه رداءه ... ولكنه قد سل عن ماجدٍ محض

ويجوز أن يكون من بمعنى الذي فيكون في موضع المفعول، وألقى عليه رداءه صلته، ويجوز أن يكون من استفهاماً مبتدأً وألقى عليه رداءه في موضع الخبر، ويكون الجملة في موضع المفعول ل " لم أدر ". وتحقيق الكلام: لم أدر ما يقتضى هذا السؤال، لأن الذي خفي عليه ذات الملقى واسمه لا فعله. وموضع على أنه نصبٌ في موضع الحال، كأنه قال: أدريه مسلولاً من ماجدٍ محضٍ. ويروى: سوى أنه قد سل ويكون موضع سوى من الإعراب نصباً على أنه استثناء خارجٌ، ألا ترى أنه يتأتى أن يجعل مكانه لكن، والتقدير: لا أعرف اسمه ونسبه، إلا أنه ولد كريمٍ بما ظهر من فعله. والمستثنى قد انقطع عن الأول، ألا ترى أنه قد عرفه بدلالته وإن لم يعرف نفسه وذاته. ومعنى البيت: ولا أعلم الذي اهتدى لهذه المكرمة في باب ابني خراش، ولكنه كريم الأصل شريف الفرع، مؤثرٌ لفعل الصنيعة كيف اتفقت، لا يراعي وجوبها ولا زكاءها. وأصل المجد الكثرة، يقال أمجدت الدابة العلف، إذا أكثرت له. وأراد بالمحض صفاء النسب.

ولم يك مثلوج الفؤاد مهبجاً ... أضاع الشباب في الربيلة والخفض

قوله ولم يك حذف النون من يكن لكثرة الاستعمال لهذه اللفظة، ومضارعة النون لحروف المد واللين، وقد مضى مثله. وقوله مثلوج الفؤاد أي بارد الفؤاد غير ذكيٍ ولا حديدٍ. والمهبج: المتورم، يقال هبجه بالعصا فهبج وتهبج، إذا ضربه بها فانتفخ وتورم. والربيلة، أصلها الرطوبة والسمن. يقال: رجلٌ ربلٌ، وبئرٌ ذات ربالةٍ، إذا كانت ناجعة الماء في الماشية تسمن عليه. والربل: ما تفطر من الورق في آخر الصيف ببرد الليل. يقال: هم يتربلون. والريبال من أسماء الأسد إذا لم يهمز، يجوز أن يكون فيعالاً من هذا، لتربله وعظمه. والخفض: الدعة وترك السفر. ومعنى البيت: أنه رجع إلى صفة عروة فقال: كان ذكي الفؤاد شهماً، نافذاً في الأمور حي

<<  <   >  >>