للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرائحة الطيبة، يقال قدرٌ قديةٌ، إذا كانت طيبة الرائحة. كأن المراد عنده: لا يتشمم الزاد ورائحته حتى يتيقنه طيباً. والأول الأصح والأجود، وذلك أنه أراد بالقذى الخبيث، وقد طابق الطيب به، كما قال الآخر:

وما كان زادي بالخبيث كما زعم

وذكر القدى مستبعدٌ ها هنا، ولا فائدة في إبقائه له، ويغلب في ظني أنه تصحيف.

وهون وجدي عن خليلي أنني ... إذا لاقيت امرأً مات صاحبه

أخٌ ماجدٌ لم يخزني يوم مشهدٍ ... كما سيف عمروٍ لم تخنه مضاربه

يقول: خفف وجدي بخليلي لما أصبت له أئتسائي بغيري من الناس، لأني متى شئت لاقيت من امتحن بمثل محنتي. ثم قال أخٌ ماجدٌ أي خليلي وصاحبي أخٌ ماجد، لم يهني يوم حفلٍ ولم يخذلني عند احتشادٍ وجمعٍ، ولا جلب علي في مشهدٍ من المشاهد ما أستحيى منه أو أخزى له، بل كان لي عند ما أدعوه له مجيباً، وفي الشدائد عواناً وظهيراً، لا يتغيب عني ولا يفتر معي، كصمصامة عمرو، له نفاذٌ حيث أعمله، ومضاءٌ عند ما يهزه، لا يخون ولا يرتد، فكذلك كان صاحبي. وارتفع قوله أخٌ ماجدٌ على أنه خبر مبتدأ مضمرٍ. وقوله كما سيف عمرو لو رويت كما سيف عمرو لجاز، تجعل ما صلةً وينجر السيف بالكاف. ومثله قوله:

كما العظم الكسبر يهاض حتى ... يبت وإنما بدأ انصداعا

تجر العظم بالكاف، وإن رفعته كان مبتدأً، وكذلك إذا رفعت سيف، ويكون ما من قوله ما الكافة، ويكون مثل ما من قوله ما الكافة، ويكون مثل ما من قوله عز وجل: " ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ". والضمير من قوله لم يخنة يرجع إلى عمرو، ويجوز أن يرجع إلى السيف أيضاُ.

<<  <   >  >>