للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للحال، ويراد به الاستدامة والاستمرار في الفعل. على ذلك قول الله تعالى: " يأيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله ". وقوله بعولة تعلق الباء منه بلبتك، والمراد أن يكون بكاء المعولات أبا حجر بزيادة عولة. المعولات: الصائحات، والاسم العويل. وقامت عليه النوائح في موضع الحال وقد مضمرة، كأنه قال: لتبكه النساء فقد مات والنوائح ينحن عليه. وهذا كله تفظيع للرزيئة، وتنبيه على وجوب البكاء له، وأن الزيادة في العولات عليه مسوغة، لأن فقد اسمه غير مشاهد من قبل ولا معتاد.

وقوله عقيلة دلاه اقتصاص حال التجهيز والدفن، وأنها وقعت بمرأى منه ومسمع، فشقي بمزاولتها، وكمد لشاهدتها. وأراد بالأثواب أكفانه، فجعلها تبرق لبياضها. والمائح أصله الذي يدخل البئر فيغرف الماء في الدلاء إذا قل الماء. وها هنا أراد الذي يدخل القبر فينظفه ويصلح ما يجب إصلاحه منه. ودلى، أصله الإرسال، وتوسعوا فيه فقيل: دلاه بغرور، إذا خدعه. وتدلى على كذا بالحيل. فيقول: عقيلة هو الذي أرسله للحد القبر، وأكفانه لبياضها ونظافتها تلمع، والخمس هو الذي تولى من القبر ما تولى. وسوق كل هذا تفجع وتألم، وتذكر لما سخنت له العين، وأحرقت له الكبد.

وقوله خدب هو الكامل الخلق التام الأعضاء، القوي السوي. لذلك قال يضيق السرج عنه وقوله كأنما يمد ركابيه وصفه بامتداد القامة وطول البادين. ويحمد من الفارس ذلك. وقوله كان ماتحاً أي مستقياً، يمد ركابيه من بئر لطولهما. والخدب: الطويل. يقال: إن في ذلك لخدباً أي طولاً. وبعير خدب: ضخم شديد.

وقال:

أبا خالد ما كان أدهى مصيبة ... أصابت معداً يوم أصبحت ثاويا

لعمري لئن سر الأعادي وأظهروا ... شماتاً لقد مروا بربعك خاليا

فإن تك أفنته الليالي فأوشكت ... فإن له ذكراً سيفنى اللياليا

<<  <   >  >>