للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتمنى أن أكون أباه الذي الذي يسعى به وينسب إليه، وإنما يبعثه على ذلك الحسد والبغضاء.

وقوله (على رشدة من أمه أو لغية) فإن على ما يتعلق بقوله أنني أبوه، كأنه يريد: ود أبوتي سواء كان ولد حلال أو حرام. والرشدة: أسم الهيئة في الرشاد. والغية: الفعلة الواحدة من الغي. وهكذا يختار أن يقال هو لرشدة بكسر الراء، ولغية بفتح الغين. وقوله (فيغلبها) نصب جواب التمني بالفاء، والعامل فيه أن مضمرة. وهذا شرح الغية، كأنه قال: تمنى أن يكون ولدي على رشدة، أو يغلبها فحل منجب على النسل فتاتي به لغية. وأراد بالفحل المنجب نفسه، ويعني بيغلبها على النسل غلبة الشبه ليبرئه من هجنها. وإذا قال القائل وددت أنني أجيئك فتكرمني، فقوله فتكرمني انتصب ولم يعطف عل أجيئك، لمخالفة آخر الكلام أوله، وذلك ان قوله أنني أجيئك متمنى غير واجب، وفتكرمني ليس من التمني بل هو واجب، فلما خالفه نوى بالأول الأسم، وأضمر بعد الفاء أن، لتكون الفاء عاطفة لاسم على اسم، فكأنه قال: وددت مجيئي إليك فإكرامك لي. وكذلك إذا قال: ألا ماء فأشربه، يراد: لو كان لي ماء لشربته، تقديره: ألا ماء فشربه.

فبالخير لا بالشر فارج مودتي ... وأي امرىء يقتال منه الترهب

كأنه اقبل على هذا المغتاب له، الناحت أثلته، المداجى له بعداوة كامنة مستحكمة في الصدر فقال له: هذه المودة التي تظهرها من نفسك لي، أرج انتفاعك بالخير لا بالشر، لأنك إن فعلت غير ذلك فإنما تحتاج إلى إصلاحه من نفسك، فأما إذا كانت المودة صافية، والعقيدة خالصة، فإن صاحبها لا يرجو بها إلا خيراً، وكيف لا يرجو غيره من ثماره وهو يغرس الخير لا الشر. وقوله (ارج مودتي) أي ارج مودتك لي، والمصدر يضاف إلى المفعول كما يضاف إلى الفاعل. وقوله (أي امرىء يقتال منه الترهب) فمعنى يقتال يحتكم، وهو يفتعل من القول، يريد أي رجل يحتكم عليه ومنه الترهب، التخوف، وترك السكون والإمنة إليه. أي كيف يطلب وده على الرهبة منه.

أفول وقد فاضت بعيني عبرة ... أرى الأرض تبقى والأخلاء تذهب

أخلاء لو غير الحمام أصابكم ... عتبت ولكن ما على الهر معتب

<<  <   >  >>