للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال آخر:

سقى جدثاً وارى أريب بن عسعس ... من العين غيث يسبق الرعد وابله

ملث إذا ألقى بأرض بعاعه ... تغمد سهل الأرض منه مسابله

دعا لقبر المرثى بالسقيا، وهو أريب بن عسعس. ومعنى (من العين) من السحابات التي تنشأ من عين القبلة وهي أغزر، فلذلك خصها. وقوله (يسبق الرعد وابله) يطلب به الكثرة. والوابل: المطر الضخم القطر، وإذا سبق المطر الرعد كان النوء أغزر.

وقوله (ملث) لم يرض بأن يكون سقياه عارضاً، ولكن جعل الغيث ملثاً، وهو بمعنى مقيم. وقوله (إذا ألقى بأرض بعاعه) يريد إذا جاء مطره على أرض فوضع أثقاله بها امتلأت الوهاد، وتغمدت المسايل بطون الأباطح السهلة. والبعاع: الثقل، والجهاز. يقال: بع السحاب بعا وبعاعا، إذا ألح بمكان فألقى بعاعه فيه.

فما من فتى كنا من الناس واحداً ... به نبتغي منهم عميداً نبادله

ليوم حفاظ أو لدفع كريهة ... إذا عي بالحمل المعضل حامله

قوله (فما من فتى) بيت فيه تقديم وتأخير، وتلخيصه مبيناً معاداً كل شيء إلى موضعه: مامن فتى من الناس كنا نبتغي به واحداً منهم عميداً نبادله فعلى هذا قوله (من الناس) من صفة الفتى، وبه يعود الضمير إلى الفتى. والمعنى: كنا بسببه نبتغي واحداً منهم - أي من الناس - عميداً، من صفة الواحد، لأنا جعلنا واحداص مفعولاً لنبتغي. نبادله، أي نبادل به الناس، فحذف الجار وقال نبادله، على هذا قول عارق الطائي:

وليس من الفوت الذي هو سابقه

أي سابق به. وخبر ما محذوف، كأنه قال: ما فتى ذا صفته بموجود في الدنيا، وما أشبهه.

<<  <   >  >>