وقوله (أن لست) أن مخففة من الثقيلة، واسمه يجوز أن يكون ضمير الرجل، أراد أني لست، ويجوز أن يكون ضمير الأمر والشان. و (ماعشت) في موضع الظرف. و (لاقيا) خبر ليس. و (اذ اتى) ظرف له. والأوصال: جمع وصل، وهو اسم للأعضاء المتصل بعضها ببعض. ويقال: وصل ووصل، بالفتح والكسر.
وكنت أرى كالموت من بين ليلة ... فكيف ببين كان ميعاده الحشر
وهون وجدي أنني سوف أغتدي ... على اثره يوماً وان نفس العمر
قوله (كالموت) جعل الكاف وحده اسماً. وكان أبو العباس يتبع أبا الحسن الأخفش في جواز وقوعه اسماً في غير الضرورة، وأنشد:
أتنتهون ولن ينهى ذوي شطط ... كالطعن يهلك فيه الزيت والفتل
وبجعل الكاف في موضع فاعل ينهى. وسيبويه لايرى ذلك الا في الضرورة، كأنه قال: وكنت أرى شيئاً أو أمراً مثل الموت.
وقوله (من بين ليلة) من دخل للتبيين، والمعنى: كنت أعد مفارقت له في ليلة كالموت، أو قاسى مثل الموت من أجل مفارقة ليلة منه، فكيف يكون حالي وقد فرق بيني وبينه بين موعد الالتقاء بعده يوم القيامة. ومثل قوله (من بين ليلة) قوله تعالى: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان) . ولك أن تجعل من بين، في موضع المفعول لأرى، وتجعل من زائدة على طريقة الأخفش في جواز دخوله زيادةً في الواجب، فيكون التقدير: كنت أرى بين ليلة، أي فراق ليلة، كالموت. فيكون كالموت في موضع المفعول الثاني. وقوله (كان ميعاده) وضع الماضي موضع المستقبل أي يكون ميعاده، والهاء يرجع الى البين، كأنه وعده الزوال والالتقاء معه من بعده في يوم الحشر.
وقوله (وهون وجدي أنني) موضع رفع، لأنه فاعل هون والمعنى: خفف وجدي وقلقي أنني ذاهب في إثره، ومخل مكاني في الدنيا بعده يوماً، وإن أطيل عمري، ونفس في أجلي.