خلاً، فهو كالحمار السوء، الذي بظهره آثار دبر وقد ذلل في العمل، لايجيب إلا إذا استحث حتى يضرب، بلادةً منه وكسلاً. وقوله (لايحسن) موضعه من الإعراب نصب على الحال. وارتفع (مثل) على أنه خبر مبتدأ مضمر.
وقوله (مثل الحمار الموقع) يجوز أن يراد منه الذي في ظهره أثر الإكاف أو الدبر، ويجوز أن يراد به المذلل، كما يقال: طريق موقع. ويجوز أن يكون من وقعت الحديدة، إذا ضربتها بالميقعة، كأنه لبلادته يضرب كثيراً.
ولم أجد عروة الخلائق إلا ... الدين لما اعتبرت والحسبا
قد يرزق الخافض المقيم وما ... شد بعنس رحلاً ولاقتبا
ويحرم المال ذو المطية والرحل ومن لا يزال مغتربا
قوله (لم أجد) يريد أن مساك الخلائق الشريفة، ووثائق عراها، إنما هي إذا اعتبره المعتبر في الدين وعمارته، وفي الشرف وتحصيله. كأنه جعل طلب الحسب للدنيا وأسبابها والاعتلاء فيها، وجعل الدين للآخرة وتقديم ما يفوز به من رضا الله عز وجل، والثواب الجسيم.
وقوله (قد يرزق الخافض المقيم) سلك فيه مسلك الآخر في قوله:
والخافض: الوداع الذي لم يحدث نفسه بتجوال وارتحال. فيقول: قد ينال الرزق الواسع من لايؤثر على الإقامة في وطنه شيئاً، وقد ترى قاطع الشقة البعيدة، وصاحب الرحل والمطية، الصابر على الغربة، محروماً مضيق العيش، مكدود العمر. والرحل: مركب البعير؛ والرحالة نحوه؛ وهوالسرج أيضاً. والقتب: إكاف الجمل، كذا ذكره الخليل. وقوله (ذو المطية والرحل) ، الرحل: مصدر رحلت البعير، إذا شددت عليه الرحل.