للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في اكتساب الخير، واستجلاب الحمد. والسرو: سخاء في مروة. ويقال: سرو الرجال يسرو، وهو سري من قوم سراة. وكأن هذا سلك مسلك الآخرحين قال:

وأن ثراء المال ينفع ربه ... ويثني عليه الحمد وهو مذمم

ألم تر لقمان أوصى بنيه ... وأوصيت عمراً ونعم الوصي

بني بدا خب نجوى الرجال ... فكن عند سرك خب النجى

وسرك ما كان عند أمرىء ... وسر الثلاثة غير الخفى

معنى (ألم تر) : اعلم. ويريد التنبيه على أن له في وصاته ابنه اقتداءً بالحكماء قبله، فكما ساغ للقمان أن يوصي ابنه ساغ للصلتان أن يوصي عمراً ولده. والمحمود في قوله (نعم الوصى) محذوف، كأنه قال: ونعم الوصى هو. وهذا ترغيب منه لعمرو في الاحتذاء بما يرسم له. وقوله (بني بدا خب نجوى الرجال) فالخب: المكر بكسر الخاء، والخب بفتحها: المكار. ومثله رجل صب. والنجوى: مصدر، وهو يستعمل فيما يتحدث فيه اثنان على طريق الستر والكتمان. فيقول: إذا ناجيت صاحباً لك فكن خباً فيما تودعه من سرك، فإن نجوى الرجال إذا بدا خبها، ومكر أربابها فيها، عادت وبالاً وفضيحة. والنجي يقع على الواحد والجمع، وكذلك النجوى. وفي القرآنإذ هم نجوى.

وقوله (وسرك ما كان عند امرىء) ذهب فيه مذهب من قال:

إذا جاوز الاثنين سر فإنه ... ببث وتكثير الوشاة قمين

وقد قيل في (الاثنين) من هذا البيت أراد به الشفتين. وكأن من فسر هذا التفسير يريد: لاتتفش سرك إلى أحد.

آخر باب الأدب، والحمد لله وحده، والصلاة على نبيه محمد وآله بعده.

<<  <   >  >>