للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلقد أراني للرماح دريئة ... من عن يميني مرة وأمامي

الدريئة تهمز ولا تهمز، فتجعل من الدرء وهو الدفع، ومن الدرى وهو الختل، ولهذا سميت الدابة التي يختل بها الصيد ليمكن فيرمى: درية، والحلقة التي يتعلم عليها الطعن دريئة. ويمكن حمل البيت عليهما جميعاً. فإذا جعلت الدريئة الحلقة يقول: لا يفعلن ذلك أحد وليعتبر بحالي، فلقد رأيت نفسي في غير وقت وحال، وكأني للرماح بمنزلة الحلقة التي يتعلم عليها الطعن، فتأتيني الرماح من جوانبي كلها ثم سلمت. وإنما اقتصر على ذكر اليمين والقدام لأنه يعلم أن اليسار في ذلك كاليمين. فأما الظهر فإن الفارس لا يمكن منه أحداً. وإذا جعلت الدرية الدابة الموصوفة يكون المعنى: فلقد أراني وقد اتقي بي فصرت سترة لغيري من الطعن، كما تكون تلك الدابة سترة للصائد والطعن يتناولني. وعلى هذا يكون معنى للرماح من أجل الرماح. والأول أحسن. وقوله: من عن يميني من تعلق بفعل دل عليه قوله أراني دريئة للرماح، وهو تأتيني وما يجري مجراه. وعن من قوله عن يميني اسم ها هنا، وليس بحرف. والمعنى من جانب يميني، ومثله قول الأعشى:

من عن يمين الحبيا نظرة قبل

وقول الآخر:

من عن يمين الدار والحائط

حتى خضبت بما تحدر من دمي ... أكناف سرجي أو عنان لجامي

وقوله أو عنان لجامي، أو ها هنا ليست للشك، وإنما هل التي يراد بها أحد الأمرين على طريق التعاقب، أي إما ذا وإما ذا. ولك أن تريد الجمع، لأن أصل أو الإباحة. وهذا كما يسأل الرجل فيقال له: ما كان طعامك في بلدك؟ فيقول: الحنطة، أو الأرز. والمعنى أحد هذين، على أن يكون كل واحد منهما بدلاً من صاحبه أو الجميع. ومعنى البيت: انتصبت للرماح حتى خضبت بما سال من دمي إما عنان

<<  <   >  >>