للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فوقها، كما يقال: بلغت نفسه التراقي. فيقول: عللاني بالمقترح عليكما قبل أن أموت فتقوم النوائح علي يندبنني، وقبل ميقات أجلي. وأو أن تخلفي عن أصحابي وقد راحوا عني، لنزول القدر المقدور بي.

فإن قيل: كيف قدم ذكر صدح النوائح على ذكر الموت، وإنما يكون بعده؟ قلت: إن العطف بالواو لا يوجب ترتيباً. ألا ترى أن الله تعالى قال: واسجدي واركعي، والركوع قبل السجود في تريب أفعال الصلاة. وقوله (إذا راح أصحابي) يجوز أن يكون إذا في موضع الخبر بدلاُ من غد، والبدل إذا جاء مؤكداً للمبدل منه ومفصلاً جمله قد لا يستغني عن المبدل منه، وإذا كان كذلك فليس لأحد أن يقول: من شرط البدل أن يلقي المبدل منه ويجعل هو مكانه. وإذا كان كذلك لم يجز أن بلى إذا العامل في غد، وهو (على) أو (من) في الروايتين جميعاً. على أن أبا العباس قد جوز وقوع إذا في موضع المجرور والمرفوع. ويجوز أن يكون نصباً بدلاً من موضع (من غد) أو (على غد) العامل والمعملول فيه جميعاً، لأن موضعهما نصب على المفعول مما دل عليه قوله يالهف نفسي، وهو: أتلهف من غد.

وإنما جاز أن يودع البيتين باب النسيب لرقتهما ولأن المتعلل به كان لذة من اللذات. وهذا عادته في أبواب اختياره.

آخر:

هلة الوجد إلا أن قلبي لودنا ... من الجمر قيد الرمح لاحتراق الجمر

أفي الحق أني نغرم بك هائم ... وأنك لا خل هواك ولا خمر

فإن كنت مطبوباً فلا زلت هكذاوإن كنت مسحوراً فلا برأ السحرقوله: هل الوجد استفهام لفظه ومعناه النفي، بدلالة وقوع إلا بعده، كأنه قال: ما الوجد، أوليس الوجد إلا هذا الذي بي، وهو أن قلبي لو قرب من الجمر حتى لايكون بينهما إلا قدر رمح لغلب ناره نار الجمر، وكان يحترق. وقوله

<<  <   >  >>