للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آخر:

ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ... على ودوني تربة وصفائح

لسلمت تسليم البشاشة أوزقا ... إليها صدى من داخل القبر صائح

واعبط من ليلى بمالا أناله ... ألا كل ما قرت به العين صالح

يقول: لو أن هذه المرأة سلمت علي وقدمت فحال بيني وبينها صفائح القبر، وثرى اللحد، لتسرعت إلى جوابها، وقابلت سلامها ببشاشة مني لها وطلاقة وجه، لتلقيها وإجابتها. فإن حصل منع دون المراد صاح إليها صدى لي من داخل قبري بدل جواب مني. وهذا على اعتقادهم كان، أن عظام الموتى تصير هاماً وأصداء. وقوله: وأغبط من ليلى، يقول: إني مرموق ومحسود منذ عرفت بلبلي وإن لم أنبل منها مطلوباً، ولا حصلت من الشقاء بها طائلاً. ثم قال: ألا كل مافرت به العين صالح، يريد أني قرير العين بأن أذكر بها وتعرف بي دون طلابها، وهذا القدر نافع وإن تجرد مما سواه.

وقال آخر:

فإن تمنعوا ليلى وحسن حديثها ... فلن تمنعوا مني البكا والقوافيا

فهلا منعتم إذ منعتم حديثها ... خيالاً يوافيني على النأي هاديا

يقول: إن حلتم بيني وبين ومنازعتها الكلام، والتأنس بحديثها، وحبس النفس على التزود منها ومن مغازلتها، فإنكم لا تقدرون على ما أنا بصده من البكاء لها وجداً فيها، ومن قرض الشعر في النسيب بها؛ وإذ قد منعتم حديثها والدنو منها، فهلا حبستم عني خيالاً عارفاً بالطريق على البعد بيني وبينها، حسن الاهتداء إلى حيث ذهبت عنها، يزورني في المنام فيطري من الشوق ما أخلق، ويعيد من الهوى مادرس. وهذا الكلام تحسير لهم، وتشهير بمكايدتهم، وتذكير بما يسوؤهم، وإعلام أن العهد بينهما مرعي، والهوى مما يقدح فيه من الجانبين

<<  <   >  >>