للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كبير تمدح. ويجوز أن يكون المعنى: لا أعدها سبباً في ارتفاق المغانم فأثرى، ويكون كقول عنترة:

يخبرك من شهد الوقيعة أنني ... أغشى الوغى وأعف عند المغنم

وقوله: كل امرئٍ مستودعٌ ماله، يريد به: المال ودائع عند الناس، ولا بد من ارتجاعها والتقاضي بها وإن أمهلوا مدةً، فلم أتجر في درعي أو لم البسها لتغنم الأنفال بها، والمال هذه حاله عند أربابه. ويكون هذا كما قال الآخر:

وما المال والأهلون إلا ودائعٌ ... ولا بد يوماً أن ترد الودائع

ويجوز أن يكون ما من قوله ماله بمعنى الذي، فيكون المعنى: كل امرئ مرتهنٌ بأجله، وبالذي كتب له، ولا يمتنع أن يكون أشار بما إلى ما يقتنى من أغراض الدنيا. ويروى: كل امرئٍ مستودعٌ ماله بكسر الدال، والمعنى أن ما يجمعه المرء بكسبه إذا جاء محتوم القضاء يتركه لغيره لا محالة، فلم أرغب فيه وفي ادخاره، وأزهد في اكتساب المحامد والمعالي؟ وهذا الكلام نهايةٌ في التنقص ممن عرض به، وغايةٌ في الطعن عليه، والقدح في عادته. ويروى: والدرع لا أبغي بها نثرةً، وهي الواسعة. والمعنى: إني أكتفي من الدرع ببدنةٍ، فلا أطلب ما يفيض فيضاً، ويجب مع هذه الرواية والتفسير أن يكون معنى المصراع الثاني: كل امرئٍ مرتهنٌ بأجله، وممهلٌ ليومه.

آليت لا أدفن قتلاكم ... فدخنوا المرء وسرباله

هذا البيت لم أجده في نسخٍ كثيرة، فيغلب في ظني أنه ليس من الاختيار. وعلى ما به فله قصةٌ مشهورةٌ زعموا. وهي أنه يروى فيه أن واحداً من المخاطبين كان أحدث في حربٍ حضرها خوفاً على نفسه، فعرض الشاعر بهم وذكرهم سوء بلائهم، وضعف ثباتهم. وإنما يريد أنهم إذا صرعوا في المعركة عثر منهم إن لم يطيبوا على مثل ما فعله ذلك الواحد المعرض به، أو استدل بالرائحة عليه فافتضحوا. وهذا تهكمٌ

<<  <   >  >>