يعني بابن جفنة عمرو بن الحارث، وإنما أراد ثرملة أن يقبح عليه فعلته، ومع ذلك يذهب شخيمته على ابن عمه، فقال عمرو: والله لأقتلنه! فيلغ ذلك عارقاً فقال:
من مبلغ عمرو بن هند رسالة ... إذا استحقبتها العيس تنضى من البعد
وستجيء من بعد أيضاً إن شاء الله.
قال الشيخ الإمام أبو علي رحمه الله: وإذا تأملت ما اقتصصت، بان لك أن هذه الأبيات التي أولها: والله لو كان ابن جفنة، ليس يهجو لابن جفنة وإنما هو مدح له، وقد عير بذكره عمرو بن هند، وأنه لو تولى من طيء ما تولاه عمرو بن هند كان معاملته إياهم بخلاف ما عاملهم به هو، فتصور أنها هجو لابن جفنة، وجعل بدل ما إن كساكم: لكسا الوجوه، وبدل قوله إذاً لقطع تلكم الأقرانا: منكم الأقرانا، وبدل قوله ولكان عادته على جيرانه: على جاراته، ومع هذه التغيرات ليس يخلص هجواً.
قال أبو علي: وأنا أعود إلا عادتي من تفسيرها وشرح معانيها: قوله غضة فعلة من غض، والغضاضة والغض: الفتور في الطرف. ونصب قوله وسلاسلاً على المعنى، فهو من باب قول الآخر:
يا ليت بعلك قد غدا ... متقلداً سيفاً ورمحاً
لأن السلاسل لس من كسوة الوجوه، فكأنه قال: ما إن كساكم غضة ولا قلدكم إذا غلكم سلاسل تبرق في أسناقكم. وقوله يثنين نعناه يعطفن ويلوين. وإذا لقطع تلكم الأقرانا فالأقران الحبال، والواحد قرن. وإذا رويت يبرقن فالمعنى ظاهر. ويشير إلى ما لحقهم من جهة عمرو بن هند. وقوله إذا أجاب لو بإذا كما أجابه باللام من قوله لكسا وبما على الأصل الأول. ومعنى لقطع تلم الأقرانا أي لو كنتم مأسورين لكان يفكم، ويقطع تلك الحبال التي صارت إساراً لكم. وإذا روى وإذا لقطع منكم الأقرانا كان معنى البيت: يشدكم في السلاسل ويبدد جمعكم. وقوله ولكان عادته على جيرانه، يريد أنه يفعل خلاف ما فعله عمرو بن هند، لأن