للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل فيما وقع من الحوادث في السنة التاسعة عشر بعد الستمائة (*)

استهلت هذه السنة والخليفة الناصر لدين الله، والشرور قائمة في البلاد الخراسانية وما يتاخمها بسبب جنكيزخان، وقد ذكرنا أن جلال الدين بن السلطان علاء الدين دخل غزنة منصورا في السنة الماضية. وقال أبو الفتح المنشئ: وصل جلال الدين إلى غزنة في سنة ثماني (١) عشرة وستمائة، وتباشر الناس بوصوله، واتصل بخدمته سيف الدين بغراق الخلنجي (٢) وأعظم ملك صاحب بلخ، ومظفر ملك صاحب الأفغانية، والحسن قزلق، [كل] (٣) هؤلاء في ثلاثين ألف فارس، ومعه من عسكره وعسكر أمين الملك مثلها، ولما بلغ جنكيزخان ماحل بعسكره من النقمة بقندهار جرد إليه ابنه طولي خان في عسكر كثير، واستقبله جلال الدين بنفسه، فالتقيا، وحمل جلال الدين على قلب عسكر طولي خان، فأنزل الله نصره عليه، وكانت الكسرة على التتار قولوا مدبرين، وركب جلال الدين مع عسكره في طلبهم، وكيف لا يركب أقفيتهم وقد أفجعوه بأخوته وأبيه، وقتل طولي خان المذكور في معركة القتال، وكثر الأسر حتى كان الفراشون يحضرون أساراهم إلى بين يدي جلال الدين، فيدقون الأوتاد في آذانهم تشفيا منهم، وجلال الدين يتفرج ووجهه بالبشاشة ينبلج، وقد عذبوهم في الحياة الدنيا، {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} (٤). ولما وصل الخبر إلى جنكيزخان قام وجمع عساكره ورحل إلى ملتقى جلال الدين في ذلك الوقت، واتفق أن العسكر الخلجية (٥) قد فارقوا جلال الدين صحبة سيف الدين بغراق غضابًا، وسبب ذلك أنهم لما كسروا ابن جنكيز خان ببيروان (٦) زاحمتهم الأتراك في المكاسب، وكان الأتراك ينفرون ويأخذون المكاسب منهم، فاشمأذت لذلك نفوسهم، ونفرت قلوبهم، ووقع الخلف بينهم، وكلما اجتهد جلال


(*) يوافق أوله: ١٥ فبراير ١٢٢٢ م.
(١) "ثمان" كذا في الأصل، والمثبت هو الصحيح لغة.
(٢) "الخلجي" في سيرة السلطان جلال الدين منكبرتي، ص ١٥٤.
(٣) ما بين حاصرتين إضافة من مسيرة السلطان جلال الدين منكبرتي، ص ١٥٤ لاستقامة المعنى.
(٤) سورة طه، آية ١٢٧.
(٥) الخلنجية: كذا في الأصل، والمثبت من سيرة منكبرتي، ص ١٥٥، والخلجية نسبة إلى خلج، وهو موضع قرب مدينة غزنة. انظر: سيرة منكبرتي، ص ١٥٥، حاشية (٦).
(٦) بيروان: في الشمال الشرقي من مدينة غزنة. انظر: سيرة منكبرتي، ص ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>