للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وماله وأهله، فعادوا إلى بغداد والوزير والشرابي وسنجر معهم تحت الاستظهار، وولي الخليفة بلاد خوزستان مملوكه ياقوت، وخرج أهل بغداد إلى تلقى الوزير والشرابي وأدخل سنجر راكبًا بغلًا بإلحاف وفي رجله سلسلتان، ثم أن الناصر لدين الله عفي عنه وأمر له بالخلع فلبسها وعاد إلى داره. ونهب سعد صاحب شيراز أموال سنجر وخزائنه ودوابه وكل ماله وما لأصحابه، وطلب الوزير والشرابي ماله منه فأرسل شيئًا يسيرًا والله أعلم. (١)

[ذكر فساد الفرنج ببلاد القدس]

خرجت جماعة بينهم وعاثوا بنواحي القدس الشريف، فبرز إليهم الملك المعظم ابن الملك العادل في عساكره، فقتل منهم خلقًا كثيرًا وخرب من بلادهم أماكن كثيرة، وغنمت العساكر غنيمة وافرة، وعادوا سالمين، وشرع المعظم في تحصين جبل الطور وبناء قلعة فيه ليكون ثغرًا على الفرنج، فغرم أموالًا كثيرة في ذلك وبعث الفرنج إلى الملك العادل وطلبوا منه الأمان والمصالحة فهادنهم، وبطلت تلك العمارة وضاع ما كان غرم عليها. وقال السبط (٢) في المرآة: وفي هذه السنة خرجت من دمشق إلى نابلس إلى الغزاة، وكان الملك المعظم عيسى -رحمه الله - بها فجلست بجامع دمشق يوم السبت خامس ربيع الأول، وكان الناس من باب المشهد الذي لزين العابدين إلى باب الناطفانيين وإلى باب الساعات، وكان القيام في الصحن أكثر بحيث امتلأ جامع دمشق وحزروا ثلاثين ألفًا، وكان يومًا لم ير بدمشق مثله ولا بغيرها، وكان قد اجتمع عندي شعور كثيرة، وقد وقفت على حكاية أبي قدامة الشامي مع تلك المرأة التي قطعت شعرها وبعثت به إليه، وقالت: اجعله قيدًا لفرسك في سبيل الله، فعملتُ من الشعور التي اجتمعت عندي شُكْلًا للخيل المرصدة للمجاهدين وكوفسارات (٣) ولما صعدت المنبر أمرت بإحضارها، فحملت على أعناق الرجال، وكانت ثلثمائة شكال، فلما رآها الناس صاحوا صيحة عظيمة وقطعوا مثلها وقامت القيامة، وكان المُبارز المعتمد إبراهيم -رحمه


(١) ورد هذا الخبر في البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٦٣.
(٢) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٥٥.
(٣) كرْفَسارات: قيود للخيل أو البعير. المنجد، مادة (كرفس)، ص ٧٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>