للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عظيمةً، فإنه كان بلد التجار: وفرق بين الناس الليل، وأصبحوا يوم الجمعة مقاتلين مجتهدين في النقوب من شمالي القلاع، وتمكن منها النقب حتى بلغ طوله ستين ذرًاعًا وعرضه أربعة أذرع، واشتد الزحف عليهم حتى صعدوا الجبل وقاربوا السور، وتواصل القتال حتى صاروا يتحاذفون بالحجارة بالأيدي، فلما رأوا ذلك استغاثوا وطلبوا الأمان عشيّة الجمعة الخامس [والعشرين] (١) من الشهر المذكور، وطلبوا قاضي جَبلَة، فدخل إليهم ليقرّر لهم قاعدة الأمان، فأجيبوا إلى ذلك، فدخل القاضي وقرر الحال معهم على أنهم يُطلَقُون بنفوسهم ونسائهم وذراريهم وأموالهم، عدا الغلال والذخائر وآلات السلاح والدواب، وأطلق لهم السلطان دوابًا يركبونها إلى مأمنهم. ثم رقي عليها العَلّم الإسلامي المنصور في بقية السبت السادس [والعشرين] (٢) منه، وأقاموا عليها إلى يوم الأحد السابع والعشرين من جمادى الأولى (٣).

وقال العمادُ (٤) رحمه الله: ولما رحل السلطان من جبلة أتى اللاذقية وفتحها في الرابع والعشرين من جمادى الأولى، وهي ثلاث قلاع متلاصقات على طول التل، فلما عرفوا أنهم مدركون طلبوا الأمان، وذلك يوم الجمعة الخامس والعشرين عشيةً، ودخل جماعة منهم في عقد الذمة، وانتقل الباقون إلى أنطاكية. ثم رتب السلطان جماعةٍ من خواص مماليكه، وأخرج من القلاع أهل الكفر وأسكنها أهل التوحيد، وولي بها سنقر الخِلاطي مملوكه، ثم ركب السلطان إلى البلد [٥٧] وطافه، وهزّ إلى إحسانه أعطافه، ثم رحل نحو صهيون (٥).

ذكر فَتح صَهْيُون

ولما سار السلطان راحلًا من اللاذقية نزل على صهيون يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من جمادى الأولى، واستدار العسكر بها من سائر نواحيها بكرة الأربعاء، ونصب عليها ستة مناجيق، وهي قلعة حصينة منيعة في طَرف جبل، خنادقها أودية هائلة واسعة


(١) "عشر" كذا في الأصل. والمثبت من النوادر السلطانية؛ ص ٨٩؛ الفتح القسي، ص ٢٣٧.
(٢) "عشر" كذا في الأصل. والمثبت من النوادر السلطانية، ص ٨٩؛ الفتح القسي، ص ٢٣٧.
(٣) انظر: الفتح القسى، ص ٢٣٠ - ص ٢٩٠؛ النوادر السلطانية، ص ٨٩ - ص ٩٠؛ الكامل، ج ١٠، ص ١٦٧.
(٤) نقل العينى هذا النص بتصرف من الفتح القسي، ص ٢٣٦ - ٢٣٨.
(٥) صَهْيُون: حصن حصين من أعمال سواحل بحر الشام، من أعمال حمص. انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٤٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>