للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما حضرها جلال الدين خوارزم شاه، ولقي من الشدّة والخوف ما لقى، ولما فتحت أَسَرَهُ جلال الدين فيمن أَسَر، وأراد أخذ مدينة أرزن منه، فقيل له: إنه من بيت قديم عريقٍ في الملك [١١٦] وإن أرزن صارت له من أسلافه مع غيرها من البلاد، فخرج الجميع من يده ولم يبق له غيرها، فتعطف عليه ورق له وأبقى عليه مدينته، وأخذ عليه العهود والمواثيق أنه لا يقاتله، فعاد إلى بلده وأقام بها. فلما جاء الملك الأشرف وعلاء الدين [صاحب الروم] (١) لمحاربة جلال الدين لم يحضر معهم الحرب وفاءً لجلال الدين، فلما انهزم جلال الدين جاء (٢) إليه الملك المظفر غازي بن العادل صاحب ميافارقين، فحصره بها ثم ملكها صلحًا، وعوضه عنها بمدينة حاني من ديار بكر، وهو من بيت قديم، يقال لهم: بيت طغان أرسلان، ويقال لهم: بيت الأحدب، وكان لهم مع أرزن بدليس (٣) وغيرها، ولم تزل بأيديهم من أيام السلطان ملك شاه بن ألب أرسلان السلجوقي (٤)، وأخذ بكتمر (٥) صاحب خلاط مملوك شَاهَرْ مَنْ بدليس من عم حسام الدين هذا؛ لأنه كان موافقا للناصر (٦) الكبير (٧).

[ذكر قصد الفرنج حماة]

وفي شهر رمضان قصد الفرنج من حصن (٨) الأكراد وغيرها حماة في جَمْع كثير من الخيالة والرجَّالة، فخرج إليهم السلطان الملك المظفر تقي الدين محمود بن الملك


(١) ما بين حاصرتين إضافة من سيرة منكبرتي، ص ٣٠٢، للتوضيح.
(٢) أي جاء إلى حسام الدين صاحب أرزن.
(٣) بدليس: بلدة من نواحي أرمينية قرب خلاط. معجم البلدان، ج ١، ص ٥٢٦.
(٤) السلطان ملك شاه بن ألب أرسلان السلجوقي: هو ملكشاه أبو الفتح جلال الدولة بن السلطان ألب أرسلان محمد بن داود السلجوقي التركي تملك بلاد ما وراء النهر وبلاد الهياطلة وبلاد الروم والجزيرة والشام والعراق وخراسان وغير ذلك، وقيل إنه سُمَّ ونقل في تابوت فدفن بأصبهان في مدرسة كبيرة له، مات في شوال سنة ٤٨٥ هـ/ ١٠٩٢ م.
لمعرفة المزيد من ترجمته انظر: سيرة منكبرتي، ص ٢٨٩؛ الشذرات، ج ٣، ص ٣٧٦ - ص ٣٧٧.
(٥) بكتمر: هو سيف الدين بكتمر صاحب خلاط، كان دينا، خيرا، صالحا، كثير الخير والصدقة، محبا لأهل الدين والصوفيه، قريبا إلى رعينه، قتل في أول جمادي الأولى سنة ٥٨٩ هـ.
لمعرفة المزيد عنه انظر: الكامل، ج ١٢، ص ١٠٢ - ص ١٠٣؛ العبر في أخبار من غبر، ص ٢٦٨؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٨.
(٦) الناصر الكبير: يقصد به السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف.
(٧) ورد هذا الخبر بالتفصيل في مفرج الكروب، ج ٤، ص ٣٠١ - ص ٣٠٢.
(٨) حصن الأكراد: حصن منيع حصين على الجبل الذي مقابل حمص من جهة الغرب وهو جبل الجليل، وهو بين بعلبك وحمص.
انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>