للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل فيما وقع من الحوادث في السنة الثامنة والعشرين بعد الستمائة (*)

استهلت هذه السنة والخليفة هو المستنصر بالله (١)، والسلطان الملك الكامل صاحب مصر بالديار المصرية، وأخوه الملك الأشرف بدمشق، وقد تخلى عن البلاد الشرقية، فإن حران وما معها صارت لأخيه الملك الكامل، وأما أخلاط وبلادها التي كانت للأشرف فقد صارت خرابًا يبابًا، بإفساد جلال الدين خوارزم شاه على ما ذكرناه، ولم يكن للأشرف ولد ذكر، فقنع بدمشق، واشتغل باللهو والملاذ، ثم في هذه السنة قد سار الأشرف إلى أخيه الكامل فأقام عنده بالديار المصرية متنزها (٢). وصاحب حلب الملك العزيز غياث الدين محمد بن الملك الظاهر غازي بن السلطان صلاح يوسف بن أيوب، اشتغل في هذه السنة بالممالك الحلبية ودبَّرها، وتصرف في أحوالها، وبلغ من العمر ثماني عشرة سنة، وسلم إليه أتابكه (٣) شهاب (٤) الدين طغريل الخزائن، وخرج العزيز من القلعة ودار القلاع والحصون التي له، ونزل الأتابك شهاب الدين من القلعة، وكان له بها نحو خمس عشرة سنة ملازمًا من حين مات السلطان الملك الظاهر غازي (٥).


(*) يوافق أولها: ٩ نوفمبر ١٢٣٠ م.
(١) المستنصر بالله: هو أبو جعفر منصور بن الظاهر بأمر الله محمد بن الناصر أحمد بن المستضيء حسن بن المستنجد يوسف بن المقتني العباسي، ولد سنة ٥٨٨ هـ، وهو ابن تركية، واستخلف في رجب سنة ٦٢٣ هـ، وحملت سيرته، وتوفى بكرة الجمعة، عاشر جمادى الآخرة سنة ٦٤٠ هـ.
انظر ترجمته في المختصر، ج ٣، ص ١٧١؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٧٠ - ص ١٧١؛ الشذرات، ج ٥، ص ٢٠٩.
(٢) ورد هذا الخبر في المختصر، ج ٣، ص ١٤٧.
(٣) الأتابك: يتألف هذا اللقب من لفظين تركيين، وهما أطا بمعنى أب، وبك بمعنى أمير، وأصله أن السلاطين السلاجقة منذ أيام ملكشاه بن ألب أرسلان كانوا يطلقون لفظ أطابك على كبير أمرائهم يولونه الوصاية والرعاية من بعدهم على سلطان أو أمير قاصر صغير، وكثيرا ما تزوج الأطابك من أم الموصى به فتصبح العلاقة بين السلطان ووصيه شبه أبويه، ثم أطلق هذا اللقب في أيام المماليك بمصر على مقدم العساكر أو القائد العام، وكان يسمى أتابك العساكر.
انظر: مصطلحات صبح الأعشى، ج ١٥، ص ١٤.
(٤) شهاب الدين طغريل: توفي ليلة الاثنين الحادية عشرة من محرم سنة ٦٣١ هـ بحلب، ودفن بمدرسته الحنفية خارج باب أربعين، وكان خادما أرمني الجنسي أبيض، حسن السيرة، محمود الطريقة.
انظر: وفيات الأعيان، ج ٧، ص ١٠٠؛ المختصر، ج ٣، ص ١٥٤؛ الشذرات، ج ٥، ص ١٤٥.
(٥) ورد هذا الخبر في مفرج الكروب، ج ٤، ص ٣٠٩ - ص ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>