للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر من توفي فيها من الأعيان]

أبو محمد (١) عبد الله بن أبي الوحش بَرّي بن عبد الجبار بن بَرّي المقدسي ثم المصرى؛ أحد أئمة اللغة [٢٩] والنحو في زمانه، وعليه كان تعرض المسائل بعد ابن بابشاذ (٢)، وكان كثير الاطلاع عالماً بهذا الشأن، مطرحاً للتكلف في كلامه، لا يعرج على الإعراب فيه إذا خاطب الناس، وله التصانيف المفيدة منها: الحواشي الفائقة على كتاب صحاح الجوهرى، أتى فيها بالعجائب والغرائب، واستدرك عليه فيها مواضع كثيرة، وهي دالة على سعة علمه وغزارة مادته وعظم اطلاعه. واشتغل عليه خلق كثير منهم: أبو موسى الجزُولي صاحب المقدمة في النحو. وكان عارفاً بكتاب سيبويه وعلله، وإليه كان التصفح في ديوان الإنشاء، لا يصدر كتاب من الدولة إلى ملك من ملوك النواحي إلا بعد أن يتصفحه ويصلح ما لعله فيه من خلل خفي. وهذه كانت وظيفة ابن بابشاذ. وولد بمصر في الخامس من رجب سنة تسع وتسعين وأربعمائة، وتوفي بها ليلة السبت السابعة والعشرين من شوال سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وبَرى بفتح الباء الموحدة وتشديد الراء المكسورة وبعدها ياء وهو اسم علم يشبه النسبة.

أبو السعود الحريمى الطاهري (٣)؛ كان عطاراً فأقامه الله تعالى فانقطع إليه، وصحب الشيخ عبد القادر وأخذ عنه الطريق، وصار المشار إليه بعده. وكانت له كرامات وإشارات وقبول قائم عند الخاص والعام، وكان طريقته الفناء لا يأكل حتى يُطعم، ولا يشرب حتى يُسقى، ولا يلبس ثوباً حتى يجعل في عنقه. وكان بين يدي الله عز وجل بمنزلة الميت بين يدي الغاسل، لا يزال مستقبل القبلة على طهارة، لا يتكلم إلا جواباً. وكان حسن الأخلاق، كريم الطباع متواضعاً، توفي ليلة الأربعاء عاشر شوال، ودفن بمقابر باب حرب، وبنوا عليه قبة عالية، وقبره ظاهر يُزار. سمع الشيخ [عبد القادر] (٤) وطبقته، وحَدَّث بشيء يسير، واشتغل بحاله عن الرواية رحمه الله رحمة واسعة.


(١) انظر ترجمته في وفيات الأعيان، ج ٣، ص ١٠٨ - ١٠٩؛ البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٤١؛ النجوم الزاهرة، ج ٦، ص ١٠٣ - ١٠٦؛ شذرات الذهب، ج ٤، ص ٢٧٣ - ٢٧٦.
(٢) ابن بابشاذ/ هو أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ النحوي توفي سنة ٤٦٩ هـ. وفيات الأعيان، ج ٢، ص ٥١٥ - ١١٧ ترجمة رقم ٣٠٨.
(٣) انظر ترجمته في مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٦٩؛ شذرات الذهب، ج ٤، ص ٢٧٤.
(٤) "عبد القاهر" في الأصل، والمثبت من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>