للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخراب في الموضعين في ذلك اليوم، وفرق الناس لتخريب المكانين، وأباح ما فيهما من التبن والشعير في الأهراء (١) السلطانية، وأمر من كان بهما من المقيمين بالانتقال إلى المواضع العامرة، وما كان بقي في المكانين إلا نفر يسير، ثم عاد السلطان إلى خيمته.

ولما أصبح يوم الخميس الرابع من رمضان، أقام [الحجارون] (٢) في المكانين، ورتب عندهم من يستخدمهم في ذلك، وهو يتردد إليهم في الأصائل، ثم وقع له أن يسير خفية في نفر يسير ليشاهد أحوال القدس الشريف، وخلف أخاه العادل في العسكر يحث الناس على الخراب، فسار من أول الليل حتى أتي بيت نوبة فبات بها حتى أتى الصبح وصلى، وسار حتى أتى القدس الشريف في يوم الجمعة خامس رمضان المذكور، وصلى الجمعة. وأقام ذلك اليوم يتفقد أحوال الناس وأحوال القدس في عمارته وميرته وعدته وغير ذلك، وظفر بنفر من النصارى معهم كتب إلى الإفرنج، فضرب أعناقهم. ولم يزل مقيمًا في القدس إلى يوم الاثنين الثامن من رمضان. ولما كان يوم الاثنين خرج قاصدًا العسكر بعد صلاة الظهر، فبات في بيت نوبة (٣).

[ذكر مجيء معز الدين صاحب ملطية]

وفي يوم الاثنين المذكور وصل صاحب ملطية معز الدين قيصر شاه بن قليج أرسلان وافدًا على السلطان، مستنصرًا [به] (٤) على إخوته وأبيه؛ لأنهم كانوا قصدوا أخذ بلده منه، فلقيه الملك العادل عند لُدّ، واحترمه وأكرمه، ثم لقيه بعده الملك الأفضل ولد السلطان، وضربت خيمتُه قريبًا من لُدّ.

وفي تاريخ النويري (٥): وسبب قدومه أن والده فرّق مملكته على أولاده وأعطى ولده هذا ملطية، ثم تغلب بعض إخوته على أبيه وألزمه أن يأخذ ملطية من أخيه المذكور، فخاف من ذلك، فسار إلى السلطان ملتجئًا إليه فأكرمه السلطان وزوجه بابنة أخيه الملك العادل. وعاد معز الدين إلى ملطية في ذي القعدة وقد انقطع طمع أخيه فيه.


(١) الأمراء السلطانية: هي الأماكن التي تخزن بها الغلال والأتبان الخاصة بالسلطان، احتياطا لحالات الطوارئ. انظر: خليل بن شاهين الظاهري، زبدة كشف الممالك، ١٢٢ - ١٢٣.
(٢) "الحجارين" كذا في الأصل. والصحيح لغويًا ما أثبتناه.
(٣) انظر تفاصيل تلك في الكامل، جـ ١٠، ص ٢١٢؛ الروضتين، جـ ٢، ص ١٩٢.
(٤) ما بين الحاصرتين إضافة من النوادر السلطانية، ص ١٩٠، للإيضاح.
(٥) ورد هذا الخبر في الكامل، جـ ١٠، ص ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>