للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر تولية الملك العزيز]

قد ذكرنا أن الملك الظاهر أوصى بمملكته من بعده لولده الملك العزيز محمد بن غازي وكان عمره لما قرر في المملكة سنتين وأشهُرا وكان عمر أخيه الملك الصالح أحمد اثنتي عشرة (١) سنة، ولقد ذكرنا أن الظاهر اختار هذا الصغير لأنه كان من صفية خاتون بنت الملك العادل، وأخواله، الأشرف والمعظم والكامل، ولما تمت المبايعة له صار مرجع الأمور كلها إلى شهاب الدين طغريل الخادم الرومي الأبيض، فدبر الأمور وأحسن السياسة وكان دينا عاقلا. وقال بيبرس (٢) في تاريخه: توفي الظاهر بحلب وعهد بالملك بعده لولده محمد، وجعل تدبير دولته إلى مملوك له رومي اسمه طغرل، ولقب بشهاب الدين، فأحسن السيرة وأحسن تربية الطفل، واستقامت البلاد والعباد له، وملك بسياسته أماكن يتعذر على الظاهر ملكها، ومنها تل باشر، ولم يقدر الظاهر عليه، وحفظ مملكة حلب على ولد الظاهر بحسن تدبيره إلى أن كبر واستقل به. وقال أبو شامة (٣): وفوض الظاهر ولاية القلعة إلى خادم أبيض يعرف بالشهاب طغرل كان وصل إلى خدمته من بلاد الروم، وكان مشتهرا بالزهد فصار له عنده مكانة. وقال السبط (٤): وصل أبو العباس عبد السلام بن عصرون رسولا من حلب من الملك العزيز محمد إلى الخليفة، وسأل تقريره على ما كان عليه أبوه.

[ذكر بقية الحوادث]

في هذه السنة منها أن السبط (٥) ذكر في المرآة أن الأشرف ابن العادل نزل من خلاط إلى حران في شعبان وسألني الجلوس بجامع حران وقال: إلى الآن ما دخلت حران. فضربت له حركاة في الجامع، وحضر يومًا مشهودًا، وجلس في الحركاة وجاء الفخر بن السميّة الخطيب فقعد عنده وكتبوا إلىَّ رقاعًا كثيرة فجمعتها وقلت: اتركوا هذه إلى يوم مجلس شيخكم يجيب عنها فهو يطول روحه عليكم، أما هذا اليوم فالوقت ما يحتمل. فأعجب الأشرف وانقضى المجلس. فقلت للأشرف: لابد لي في هذه السنة


(١) "اثني عشر " في الأصل، والصحيح ما أثبتناه.
(٢) انظر نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ٧٥.
(٣) الذيل على الروضتين، ص ٩٤.
(٤) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٧٦.
(٥) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>