للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال السبط (١): وبلغني وجه آخر، أنه لما كبسه التتار خرج من الخيمة ليلا ومعه جماعة من أصحابه، وقصد ميافارقين، وكانت معه جواهر نفيسه، فبات بقرية عند أرمني، فقال: أنا خوارزم شاه. وأعطاهم جواهر، وقال: احملوني إلى شهاب الدين غازي. فحملوه إلى سفينة، وكان تحته فرس سرجه ولجامه ذهب بجوهر، وأنزلوه في السفينة وبها رجل كردي كان خوارزم شاه قد قتل أهله، فضربه في صدره بحربة، فأخرجها من ظهره، فقتلوا الكردي، وأخذوا ما كان على جلال الدين، وفرسه وحياصته، وكان فيها جوهر عظيم، وألقوه في بئر، وبلغ شهاب الدين غازي، فأرسل إليهم فأخذهم وأخذ ما أخذوه، وسألهم عن جلال الدين، فأخرجوه من البئر، فقتلهم شهاب الدين، وغسله وكفنه، ودفنه خارج ميافارقين، فعفى شهاب الدين موضع قبره. وقيل: قتل في سنة تسع وعشرين وستمائة. وفي تاريخ بيبرس: وكانت [١٢٩] وفاته في النصف من شوال من سنة ثمان (٢) وعشرين وستمائة، ومدة مملكته منذ وفاة والده اثنتي عشرة سنة (٣). قال بيبرس (رحمه الله): والغالب على ظنى أن الطائفة التي كانت تصادمه وتلازمه من التتار التي جاست وراءه خلال الديار، وآل ما آل له معها إلى البوار هي الطائفة التي كانت مع باطوخان بن جنكيزخان؛ لأنه استقر بهذه البلاد، وصارت بعده لمن كان له من الأولاد.

[ذكر ما فعل التتار في بلاد الإسلام]

وفي هذه السنة نهب التتار سواد آمد وأرزن وميافارقين، وقصدوا أسعرد (٤)، فقاتلهم أهلها، فبدل لهم التتار الأمان، فاطمأن أهل البلد إلى أمانهم، واستسلموا، فلما تمكن التتار منهم بذلوا فيهم السيف، وقتلوهم حتى كادوا يأتون عليهم، وحُرِّز القتلى فكانوا يزيدون على خمسة عشر ألفا، وساروا منها إلى طنزة (٥)، ففعلوا فيها كذلك، ثم ساروا


(١) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤٤٣؛ وانظر أيضا: سيرة منكيرتي، ص ٣٨١ - ص ٣٨٣؛ مفرج الكروب، ج ٤، ص ٣٢٢؛ المختصر، ج ٣، ص ١٥١.
(٢) "ثمانية" كذا في الأصل، والمثبت هو الصحيح لغة، وقد ورد في سيرة منكبرتي تاريخ الوفاة، ص ٣٨٥.
(٣) عن مدة مملكة جلال الدين منكبرتي انظر: سيرة منكبرتي، ص ٣٨٥؛ نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ٢٩٨.
(٤) "أسعرد": مدينة بالقرب من شط دجلة، وهي عن ميافارقين على مسيرة يوم ونصف، وميافارقين في الشمال عن سعرت، وقد وردت بأسماء أخرى وهي: سعوت وأسعرذ.
انظر: تقويم البلدان، ص ٢٨٨ - ص ٢٨٩.
(٥) طنزة: بلد بجزيرة ابن عمر من ديار بكر.
انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٥٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>