للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما علم العدو بذلك وهم المقاتلون من جانب البحر، اجتمعوا في خلق عظيم، وزحفوا على البلد من جانب البر زحفةً عظيمةً، وقاربوا الأسوار، وصعدوا في سلم واحد، فاندق بهم السلم، فتداركهم أهل البلد، فقتلوا منهم خلقا عظيما، وعادت بقيتهم خائبين خاسرين. وأما البطس فإن البحر هاج هيجا عظيما، فضرب بعضها ببعض على الصخر، فهلكت وهلك جميع ما كان فيها، وهلك فيها خلق كثير، قيل: كانت عدتهم ستين نفرا، وكانت فيها ميرة عظيمة لو سلمت لكانت كفت البلد سنة كاملة، ودخل على المسلمين بذلك وهن عظيم، وخزى السلطان خزيًا شديدا، وكان ذلك أول علامة أخذ البلد والظفر به.

ذكر الحوادث التي وقعت في بلاد الشرق (١)

منها أنه كانت الحرب بين غياث الدين وسلطان شاه أخي خوارزم شاه، فإن سلطان شاه كان قد تعرض إلى بلاد غياث الدين [١٠٢] ومعز الدين ملكى الغورية، [فتجهز] (٢) غياث الدين، وخرج من فيروزكوه (٣) إلى خراسان، وبقي يتردد بين بلادها، فتصافا واقتتلا، فانهزم سلطان شاه، وأخذ غياث الدين بعض بلاده، وعاد إلى غزنة (٤).

ومنها أن عسكر الخليفة الناصر لدين الله تسلموا حديثة عانة (٥)، بعد حصار شديد (٦).

ومنها أن عز الدين (٧) صاحب الموصل حصر الجزيرة (٨) أربعة أشهر، فاستقر الصلح على أن يكون لعز الدين نصف الجزيرة وأعمالها، ويكون لسنجر شاه نصفها (٩).


(١) وردت هذه الأحداث في الكامل، انظر جـ ١٠، ص ٢٠٠.
(٢) "فتهجر" في الأصل والمثبت من الكامل جـ ١٠، ص ٢٠٠.
(٣) فيروزكوه أو بيروزكوه: هي قاعدة جبال الغور، وهي قلعة حصينة دار مملكة الغور، والغور بلاد بين هراة وغزنة. انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٩٣٠؛ أبو الفدا: تقويم البلدان، ص ٤٦٧.
(٤) ورد هذا الحدث بتصرف في الكامل، جـ ١٠، ص ٢٠٠.
(٥) حديثة عانة: هي الحديثة التي تقع على الفرات تحت عانة وهي من بلاد الجزيرة. أبو الفدا: تقويم البلدان، ص ٨٦ - ص ٨٧.
(٦) الكامل، جـ ١٠، ص ٢٠٠.
(٧) هو عز الدين مسعود بن مودود بن زنكي. الكامل، جـ ١٠، ص ٢٠٢.
(٨) يقصد بالجزيرة هنا "جزيرة ابن عمر" انظر الكامل، جـ ١٢، ص ٢٥، ومن الملاحظ أن هذا الحدث ذكره ابن الأثير في حوادث عام ٥٨٧ هـ، وهو من المعاصرين لهذه الأحداث في الزمان والمكان.
(٩) تقل العيني هذا النص بتصرف من الكامل، جـ ١٠، ص ٢٠٢ - ص ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>