للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن خلكان: وكان يعقوب قد عظم ملكه واتسعت دائرة سلطنته، حتى أنه لم يبق بجميع أقطار بلاد المغرب من البحر المحيط إلى برقة إلا من أطاعه ودخل فى ولايته إلى غير ذلك من جزيرة الأندلس (١).

[ذكر وفاة مجاهد الدين]

هو الأمير الكبير مجاهد الدين قايماز الزينى نائب الموصل والمستولى على مملكتها فى أيام ابن أستاذه نور الدين أرسلان. وكان عاقلًا ذكيًا فقيهًا حنفيًا، وقيل شافعيًا، يحفظ شيئًا كثيرًا من التواريخ والحكايات، وقد ابتنى عدة جوامع، ومدارس، وربط، وخانات، وله صدقات كثيرة دايرة.

وقال ابن الأثير: "وقد كان من محاسن الدنيا". (٢) توفى فى ربيع الأول منها بقلعة الموصل.

وقال ابن خلكان: هو أبو منصور قايماز بن عبد الله الزينى، الملقب مجاهد الدين الخادم، كان عتيق زين الدين أبى سعيد على بن بكتكين، والد الملك المعظم مظفر الدين صاحب إربل، وهو من أهل شبختان (٣)، أخذ منها صغيرًا، وكان أبيض اللون، وكانت (٤) مخايل النجابة لائحة عليه، فقدمه معتقه وجعله أتابك أولاده، وفوض إليه أمور إربل فى خامس شهر رمضان سنة تسع وخمسين وخمسمائة، فأحسن السيرة، وعدل فى الرعية، وكان كثير الخير والصلاح، بنى بإربل مدرسة وخانقاه، وأكثر وقفهما.

ثم انتقل إلى الموصل فى سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، وسكن قلعتها، وتولى أمور تدبيرها، وراسل الملوك وراسلوه، وكان يبلغ منهم بكتبه مالا يبلغ سواه. وفوض إليه الأتابك سيف الدين غازى بن مودود -صاحب الموصل- الحكم فى سائر بلاده، لما رأى منه من حسن مقاصده، واعتمد عليه فى جميع أحواله، وكان نائبه وهو السلطان فى الحقيقة، وكان يحمل إليه أكثر أموال إربل، وأثر بالموصل أثارًا جميلة (٥)؛ منها أنه بنى


(١) وفيات الأعيان، جـ ٧، ص ١٢.
(٢) وردت هذه العبارة فى الكامل، جـ ١٢، ص ٧٢.
(٣) يقصد بها سجستان، وفيات الأعيان، جـ ٤، ص ٨٢، حاشية ٢.
(٤) "وكان" فى الأصل والتصحيح من وفيات الأعيان، جـ ٤، ص ٨٢، ترجمة رقم ٥٤٠.
(٥) "جملة" كذا فى الأصل والتصحيح من وفيات الأعيان، جـ ٤، ص ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>