للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بظاهرها جامعًا كبيرًا ومدرسة وخانقاه والجميع متجاور، ووقف أملاكًا كثيرة على خبز الصدقات، وأنشأ مكتب للأيتام، وأجرى لهم جميع ما يحتاجون إليه، ومد على شط الموصل جسرًا غير الجسر الأصلى، ووجد الناس به رفقًا كثيرًا، وله شئ كثير من وجوه البر، ومدحه جماعة من الشعراء منهم حيص بيص سبط ابن التعاويذى بقصيدته التى أولها:

عليل الشوق فيك متى يَصحُّ … وسكرانٌ بحبك كيف يَصْحو

وبين القلب والسلوان حَرْبُ … وبين الجفن والعبرات صلحُ

وسيرها إليه من بغداد فأجازه جائزة سنية وسير له معها بغلة، فوصلت إليه وقد هزلت من تعب الطريق، فكتب إليه:

مجاهد الدين دمت زخرًا … لكل ذى فاقة وكنزًا

بعثت لى بغلة ولكن … قد مسخت فى الطريق عنزًا (١)

وكان مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير الجزرى صاحب جامع الأصول كاتبًا بين يديه ومنشئًا عنه إلى الملوك. ولما مات الأتابك سيف الدين وتولى أخوه عز الدين مسعود سعى أهل الفساد إليه فى حقه وكثر ذلك منهم، فقبض عليه سنة تسع وثمانين وخمسمائة، ثم ظهر له فساد رأيه فى ذلك فأطلقه وأعاده إلى ما كان عليه، واستمر على ذلك إلى أن توفى فى نصف ربيع الأول وقيل فى سادسه. وقال ابن المستوفى فى تاريخ إربل: توفى فى صفر سنة خمس وتسعين وخمسمائة بقلعة الموصل، والله أعلم. (٢)

[ذكر بقية الحوادث]

منها أنه شرع فى بناء سور لبغداد من الآجر والكلس، وفرق على الأمراء فكملت عمارته بعد هذه السنة، فأمنت بغداد من الغرق والحصار ولم يكن لها سور قبل ذلك. (٣)


(١) وفيات الأعيان، جـ ٤، ص ٨٢ - ص ٨٣.
(٢) وفيات الأعيان، جـ ٤، ص ٨٤.
(٣) البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>