للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ذكر كتاب الصلح]

لما رضى ملك الإنكتار بما رسم به السلطان صلاح الدين، كُتب كتاب الصلح في الثامن عشر من شعبان، وأُكدت العهود والمواثيق من كل ملك من ملوكهم وأسقف وجاثليق (١)، وحلف الأمراء من المسلمين وكتبوا خطوطهم، واكتفى من السلطان بالقول المجرد، كما جرت به عادة السلاطين، وفرح كل من الفريقين فرحاً عظيما.

وفى تاريخ النويرى: واستقر أمر الهدنة يوم السبت الثامن عشر من شعبان، وتحالفوا على ذلك يوم الأربعاء [الحادى والعشرين] (٢) من شعبان. ولم يحلف ملك الإنكتار، بل أخذوا يده وعاهدوه، واعتذروا بأن الملوك لا يحلفون، وقنع السلطان بذلك، وحلف الكندهرى ابن أخته. وخليفته على الساحل، وكذلك حلف غيره من عظماء الإفرنج.

ووصل ابن الهنفرى وباليان إلى خدمة السلطان، ومعهما جماعة من المقدمين، وأخذوا يد السلطان على الصلح، واستحلفوا الملك العادل، والملكين الأفضل والظاهر ابنى السلطان صلاح الدين، والملك الأمجد بهرام شاه بن فرخشاه صاحب بعلبك، والأمير بدر الدين دلدُروم الياروقى صاحب تل باشر، والأمير سابق الدين عثمان صاحب شيزر، والأمير سيف الدين على بن أحمد المشطوب، وغيرهم من المقدمين الكبار. وعقدت هدنة عامة في البر والبحر، وجعلت مدتها ثلاث سنين وثلاثة أشهر، أولها أيلول الموافق الحادى عشرى شعبان.

وكانت الهدنة على أن يستقر بيد الإفرنج يافا وعملها، وقيسارية الشام وعملها، وأرسوف وعملها، وحيفا وعملها، وعكا وعملها، وأن تكون عسقلان خرابًا، واشترط السلطان دخول بلاد الإسماعيلية في عقد هدنته، واشترط الإفرنج دخول بلاد أنطاكية وطرابلس في عقد هدنتهم، وأن تكون لدُّ والرملة مناصفة بينهم وبين المسلمين، واستقرت القاعدة على ذلك. وأرسل السلطان مائة نَقَّاب صحبة أمير لتخريب سور عسقلان، وإخراج من بها من الإفرنج والألمان (٣).


(١) الجاثليق: أحد الوظائف الكهنوتية، ويقال أن صاحبها إمام النصارى وصاحب الصلاة عندهم. انظر: صبح الأعشى، جـ ٥، ص ٤٧٤؛ جـ ١٣، ص ٢٧٤.
(٢) "الثانى والعشرين" كذا في الأصل، والتصحيح من نهاية الأرب، جـ ٢٨، ص ٤٣٦.
(٣) ورد هذا النص بتصرف في نهاية الأرب، جـ ٢٨، ص ٤٣٦، كما نقل العينى هذا النص بتصرف من النوادر السلطانية، ص ٢٣٤ - ٢٣٦؛ الفتح القسى، ص ٦٠٣ - ٦٠٥، ص ٦٠٦ - ٦٠٩؛ مفرج الكروب، جـ ٢، ص ٤٠٢ - ٤٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>