للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمعاول (١) ولم يزالوا كذلك حتى فتحوا فيها من كل جانب مثل الأبواب، فامتلأت ماءً، وغرق كل مَنْ فيها وما فيها [مِنَ] (٢) الالآت والمير وغير ذلك. ولم يظفر العدوّ منها بشيء أصلاً، وكان اسم المقدم يعقوب، من أهل حلب.

وتلقف العدوّ بعض من كان فيها، وخلَّصوه من الغرق، ومثلوا به وأنفذوه إلى البلد، ليخبروهم بالواقعة. وحزن الناس لذلك حزناً شديدًا، فإنا لله وإنا إليه راجعون (٣).

ذكر حريق الدبابة الكُفْرِية

وكان من لطف الله تعالى، أنه جبر المسلمين بأن مكنهم - في اليوم الذى جرى على البطسة الإسلامية ما ذكرناه - على حريق دبابة، كان الفرنج قد اصطنعوها، وكانت هائلة عظيمة أربع طبقات: الأولى من الخشب، والثانية من الرصاص، والثالثة من الحديد، والرابعة من النحاس، وكانت مشرفة على السور وفيها المقاتلة. وقد قلق أهل البلد منها وخافوا خوفاً شديدًا، بحيث أن أنفسهم حدثتهم من خوفهم من شرها أن يطلبوا الأمان من الفرنج ويُسلموا البلد، وكانوا قد قرَّبوها من السور بحيث لم يبق بينها وبين السور إلا مقدار خمسة أذرع، على ما يشاهد برأى العين.

وأخذ أهل البلد بتواتر ضربها بالنفط ليلاً ونهاراً، حتى قدر الله حريقها واشتعال النار فيها، وظهرت لها ذؤابة نار نحو السماء، وارتفعت الأصوات بالتكبير والتهليل، ورأى [١١١] المسلمون ذلك جبراً لذلك الوهن، ونعمة بعد نقمة (٤).

ذكر عدَّة وقعات بينهم وبين المسلمين من داخل وخارج

الأولى: كانت يوم الجمعة (٥) التاسع عشر من جمادى الأولى، فإنهم زحفوا على البلد زحفاً عظيماً، وضايقوه مضايقة شديدة، وكان قد استقر بينهم وبين المسلمين أن متى زحف العدوّ عليهم دقوا كوسهم، فضربوا كوسهم، فأجابه كُوس السلطان -رحمه الله


(١) المعاول: ومفردها مِعْول، وهو آلة من الحديد ينقر بها الصخر، انظر: المعجم الوجيز، ص ٤٤٢.
(٢) ما بين الحاصرتين إضافة من النوادر السلطانية، ١٦١ لتوضيح النص.
(٣) ينقل العينى هذا النص بتصرف من النوادر السلطانية، ص ١٦١ - ١٦٢؛ الفتح القسى، ص ٤٨٦؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٤٣.
(٤) نقل العينى هذا النص من النوادر السلطانية، ص ١٦٢؛ الفتح القسى، ص ٤٨٦؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٤٣.
(٥) "يوم السبت" في الفتح القسى؛ ص ٤٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>