للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة. وحين وصلوا إلى حلب جلس الصبي على سرير مملكتها، واحتاطوا على بني الداية شمس الدين (١)، وعلى أخيه مجد الدين، الذي كان رضيع نور الدين، وأخوته الثلاثة، وقد كان شمس الدين بن الداية يظن أن يُسلَّم إليه ابن نور الدين ليربيه؛ لأنه أحق الناس بذلك، فخيبوا ظنه وسجنوه وأخوته (٢) في الجب. فكتب صلاح الدين إلى الأمراء، يلومهم على ما فعلوا من نقل الولد [من دمشق] (٣) إلى حلب، ومن سجْنهم لبني الداية (٤)، وقد كانوا من خيار الأمراء ورؤوس الأمراء الأكابر، [ولم لا يسلموا] (٥) الولد إلى مجد الدين بن الداية، الذي كان أحظى الناس عند نور الدين؟ فكتبوا إليه يسيئون الأدب عليه، وكل ذلك مما يزيده حنقا عليهم، ويحرضه على القدوم بجيشه إليهم، ولكنه في هذا الوقت في شغل شاغل بما [دهم] (٦) بلاده من الأمر الهائل، كما سنذكره إن شاء الله في السنة الآتية. (٧) إنه على ذلك قدير.

[ذكر الأمور المزعجة]

منها أن في ثالث المحرم وقع حريق ببغداد، فاحترقت مواضع كثيرة.

ومنها أن في ربيع الأول وقعت صاعقة في نخلة بالجانب الغربي فاشتعلت النخلة.

ومنها أنه سقط في بغداد بَرَدٌ كبار كالنارنج، منها ما وزنه سبعة أرطال، ثم جاء عقيب ذلك سيل عظيم، وزادت دجلة زيادة عظيمة لم يعهد مثلها أصلا، فخرب شيئا كثيرا من العمران والقرى والمزارع والقبور، حتى خرج الناس إلى الصحراء، وكثر الضجيج والابتهال إلى الله تعالى، حتى فرَّج الله وتناقصت زيادة الماء (٨). وقال ابن الجوزي (٩) (رحمه الله): ودخل الماء إلى المارستان وعلا عليه، ورمي عدة شبابيك من شبابيكه


(١) هو: علي بن الداية، الأمير شمس الدين.
(٢) "أخوه" في نسخة ب؛ وقد ذكر أبو شامة في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٩٣، أسماء أخوته وهم: سابق الدين عثمان، بدر الدين حسن، ومجد الدين.
(٣) الإضافة من البداية والنهاية حيث ينقل العينى عنه، ج ١٢، ص ٣٠٦.
(٤) انظر: تفصيل هذا الخبر في مفرج الكروب، ج ٢، ص ١٠.
(٥) "ولم ما سلموا" في نسختى المخطوطة أ، ب. والمثبت بين الحاصرتين من البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٠٦.
(٦) "ردم" في نسختى المخطوطة أ، ب. وفي البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٠٦ "لما دهمه ببلاد مصر". ولعل الصواب ما أثبتناه لسياق النص.
(٧) نهاية النص المنقول بتصرف من ابن كثير المرجع السابق.
(٨) انظر هذا الخبر في: الكامل، ج ١٠، ص ٦١ - ٦٢؛ المنتظم، ج ١٨، ص ٢٠٤.
(٩) انظر: المنتظم، ج ١٨، ص ٢٠٤ - ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>