للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها حج بالناس من العراق محمد بن ياقوت نيابة عن والده ياقوت، وكان صبياً ومعه ابن أبي الجيلى (١)، وحج بالناس من الشام سيف الدين على بن علم الدين سليمان ابن جندر، وكان قدم من حلب لذلك، واحتفل الناس له.

[ذكر من توفي فيها من الأعيان]

الشيخ أبو عمر (٢) محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة، باني المدرسة التي يقرأ فيها القرآن بسفح جبل قاسيون، وهو أخو الإمام العلامة موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة. وكان الشيخ أبو عمر أسن منه لأنه ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة بقرية السَّاويا من أعمال نابلس، وقيل: بجماعيل (٣)، وهو الذي ربي الشيخ الموفق وأحسن إليه وزوجه، وكان يقوم بمصالحه، وهو الذي قدم به وبأهله من تلك البلاد، فنزلوا بمسجد أبي صالح بالباب الشرقي من دمشق، فأقاموا به مدة ثم انتقلوا منه إلى سفح قاسيون، وليس به من العمارة سوى دير الحوراني وأماكن يسيرة. قال الشيخ: فقيل لنا الصالحية فنسبونا إلى مسجد أبي صالح لأننا صالحون. وقال سبط (٤) ابن الجوزي في تاريخه المرآة: وكان الشيخ معتدل القامة، حسن الوجه، عليه أنوار العبادة، لا يزال متبسماً، نحيل الجسم من كثرة الصيام والقيام، قرأ القرآن بحرف أبي عمرو، وحفظ مختصر الخرقي في الفقه، وقرأ النحو على ابن بري بمصر، وسمع الحديث بدمشق ومصر، واشتغل بالعبادة عن الرواية، وكتب الحلية لأبي نعيم، وتفسير البغوي والمغني لأخيه الموفق، والإبانة لابن بطة، ومصاحف كثيرة للناس ولأهله وكتباً كثيرة، والكل بغير أجرة، وكان يصوم الدهر إلَّا من عذر، ويقوم الليل من صغره، ويحافظ على الصلوات في الجماعات، ويخرج من ثلث الليل إلى المسجد في الظلمة فيصلي إلى الفجر، ويقرأ في كل يوم سبعاً من القرآن بين الظهر والعصر، ويقرأ بعد العشاء الآخرة آيات الحرس، ويس، وتبارك والواقعة، والمعوذتين، وقل هو الله أحد. وإذا ارتفعت الشمس لقن الناس القرآن إلى وقت الضحى، ثم يقوم فيصلي الضحى ثمان ركعات ويقرأ قل هو الله أحد


(١) "الحلى" كذا في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٥٦.
(٢) البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٦٤ - ٦٥؛ الذيل على الروضتين، ص ٧١؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٥٦.
(٣) جمَّاعيل: قرية بجبل نابلس من أرض فلسطين، معجم البلدان، جـ ٢، ص ١١٣.
(٤) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٥٦ - ٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>