كتاب عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان [565 - 628 هـ]

سنة ٦٢٧ - ذكر استيلاء الملك الأشرف على بعلبك - ج: 4 - ص: 250

[ذكر استيلاء الملك الأشرف على بعلبك]

وكان قد حاصرها قريبا من عشرة أشهر، واشتدَّت مضايقة عسكره لها، وكان بها الملك الأمجد مجد الدين بهرام شاه بن فرخشاه (١)، فأذعن إلى تسليمها لابن عمها [الملك الأشرف] (٢)، وأقطعة الملك الأشرف قُصَيْر دمشق (٣)، والزبداني (٤)، ومواضع أُخر (٥).

وتوجه الملك الأمجد إلى دمشق فقتل بها في السنة المذكورة، قتله مملوك كان عنده من أخص مماليكه، وذلك أنه فقد دواةً محلَّاةً له، واتهم بها هذا المملوك، وألزمه إحضارها فلم يعترف بها، فأمر باعتقاله في مرقدٍ بإيوان دارِه، ثم جلس على باب ذلك المرقد يلعب بالنرد (٦)، فخرج ذلك المملوك وبيده سيف مسْلول فضرب به أستاذه ضربا مثخنا، وطلع إلى سطح الدار ورمى بنفسه إلى قاعتها، فمات لوقته، وعاش الأمجد إلى الليل، ثم توفى، ودفن في مدرسة والده، وكانت مدة ملكهـ لبعلبك تسعا وأربعين سنة، من أيام عم أبيه السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، وإلى هذه السنة. وكان ملكا جليلا، فاضلا متأديا، يحب العلماء والفضلاء والشعراء، وكان ينظم الشعر الجيد، ودون له ديوان من أشعاره (٧).

---

(١) الملك الأمجد مجد الدين أبو المظفر بهرام شاه بن فروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب صاحب بعلبك، وكان فيه فضل وله ديوان شعر، وأخذ الأشرف بن العادل منه بعلبك فانتقل إلى دمشق، وقتله مملوكه في داره ليلة الأربعاء ثاني عشر شوال سنة ٦٢٨ هـ، ودفن في تربته التي إلى جانب تربة أبيه في الشرق الشمالي.
انظر: وفيات الأعيان، ج ٢، ص ٤٥٣؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٤٠ - ص ١٤١؛ شذرات الذهب، ج ٥، ص ١٢٦ - ص ١٢٧.
(٢) ما بين حاصرتين إضافة من مفرج الكروب للتوضيح، ج ٤، ص ٢٨٤.
(٣) قُصَيْر دمشق: ضيعة أول منزل لمن يريد حمص من دمشق.
انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ١٢٦.
(٤) الزبّدَاني: كورة مشهورة معروفة بين دمشق وبعلبك، منها خرج نهر دمشق.
انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ٩١٣.
(٥) ورد هذا الخبر في الذيل على الروضتين، ص ١٥٨؛ مفرج الكروب، ج ٤، ص ٢٨٤؛ المختصر، ج ٣، ص ١٤٥؛ نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١٩٢؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٣٦؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤٣٥ - ص ٤٣٦.
(٦) النَّرْد: شيء يلعب به، وهو لفظ فارسي معرب "نرد شير". لسان العرب، مادة "نرده".
(٧) ورد مقتل الملك الأمجد بالتفصيل في مفرج الكروب، ج ٤، ص ٢٨٤ - ص ٢٨٦؛ المختصر، ج ٣، ص ١٤٦؛ كما ورد مقتله في سنة ٦٢٨ هـ في كل من: نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١٦٦. ص ١٦٧؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٤١؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤٤١؛ شذرات الذهب، ج ٥، ص ١٢٦ - ص ١٢٧.