وملك يلدز كرمان وأحسن إلى أهلها، وكانوا في ضر شديد مع أولئك ولما صح الخبر عند علاء الدين أرسل وزيره إلى أخيه جلال الدين في باميان يخبره بحال يلدز ويستنجده، وكان قد أعد العساكر ليسير إلى بلخ ليُرحل عنها خوارزم شاه، فلما أتاه هذا الخبر ترك بلخ وسارا إلى غزنة وكان أكثر عسكره من الغورية قد فارقوه وفارقوا أخاه وقصدوا غياث الدين، فلما كان أواخر ذي الحجة وصل يلدز إلى غزنة ونزل هو وعسكره بإزاء قلعتها وحضر علاء الدين وجرى بينهم قتال شديد، وأمر يلدز فنودي في البلد بالأمان وتسكين الناس، وحاصر يلدز القلعة فوصل جلال الدين في أربعة آلاف من عسكر باميان وغيرهم، فرحل يلدز إلى طريقهم وكان في مقامه إلى أن سار إليهم أربعين يومًا، فلما سار أرسل علاء الدين من كان عنده من العسكر وأمرهم أن يأتوا يلدز من خلفه ويكون أخوه من بين يديه، فلما خرجوا من القلعة سار سليمان بن على الغوري إلى غياث الدين بفيروزكوه، فأكرمه وجعله بها أمير دار، وساريلدز في طريق جلال الدين فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدًا صبروا فيه، فانهزم جلال الدين وعسكره وأخذ أسيرًا وأتي به إلى يلدز، فرحل إلى غزنة وهو معه وأرسل إلى علاء الدين أن سلم القلعة وإلا قتلت من معي من الأسرى، فلم يسلمها فقتل منهم أربع مائة أسير بإزاء القلعة، فأرسل علاء الدين يطلب الأمان فأمنه فلما خرج إليه قبض عليه ووكل به وبأخيه من يحفظهما وقبض على وزيره عماد الملك لسوء سيرته، وكان هندوخان (١) ملكشاه بن خوارزمشاه تكش مع علاء الدين بن سام بقلعة غزنة، فلما قبض عليه أمسكه معه وكتب إلى غياث الدين [٢٨٧] بالفتح وأرسل إليه الأعلام وبعض الأسرى.
[ذكر ترجمة شهاب الدين المذكور]
كان شجاعًا كثير الغزو، عادلًا في الرعية، وكان الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله يعظُه في داره، فحضر يومًا ووعظه وقال في آخر كلامه: يا سلطان لا سلطانك يبقى ولا تلبيس الرازي. فبكي شهاب الدين حتى رحمه الناس، وكان فخر الدين الرازي في صحبته حين قتل، فاتهمه بعض الخاصكين بقتله، فخاف من ذلك والتجأ إلى الوزير مؤيد الملك بن خواجا، فسيره إلى حيث يأمن.
(١) في الأصل: هندوخان بن ملكشاه. والصحيح ما أثبتناه من الكامل، ج ١٠، ص ٥٠٣. وهو ناصر الدين ملكشاه بن تكش، المتوفى سنة ٥٩٣ هـ بخراسان. انظر: أحمد السعيد سليمان: تاريخ الدولة الإسلامية ومعجم الأسرات الحاكمة، ص ٣٧٦.