للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك الكامل للقاء ولده، فلما قربت الفيلة من الكامل أمرها سُوَّاسُها فوضعت رؤُسُها على الأرض بين يدي الكامل خدمه له.

[ذكر بقية الحوادث]

منها أنه كمل عمارة دار الحديث (١)، التي بناها الملك الكامل بين القصرين، وولي مشيختها الحافظ (٢) أبي الخطاب بن دحية الكلبي، وكان مكثرا كثير الفنون، وعنده فوائد وغرائب وعجائب (٣).

ومنها أن ببغداد [٨] قرية يقال لها بعقوبا، فيها نخل كثير، وليها ناظر متشيع، وكان بها رجل من أهلهاله نخل، فصادره الناظر وأخذ منه ألفي نخلة، فجعل يسب الناظر ويدعو عليه، وبلغ الناظر فأحضره وأمر بضربه، فقال له: بالله عليك أنصفني. فقال: قل. قال: أنتم تسبون أبا بكر (رضي الله عنه) وتقولون أخذ فدك من فاطمة عليها السلام، وإنما في فدك نخيلات يسيرة تأخذ أنت مني ألفي نخلة، وأسكت. فضحك الناظر ورد إليه نخله (٤).

ومنها أن الملك الكامل قد أرضي بني شيبة سدنة الكعبة بمال أطلقه لهم، عوضا عما كانوا يأخذونه "بإغلاق (٥) الباب وفتحه لمن أرادوا"، وكان الناس ينالون من ذلك شدة، ويزدحمون عند فتح الباب، ويتسلق بعضهم على رقاب بعض، فينكسر بعض ويشرخ بعض، فأزال ذلك عن الناس في هذه السنة وما بعدها مدة بقائه في المملكة (٦).


(١) دار الحديث: ليس بمهر دار حديث غيرها، وغير دار الحديث بالشيخونية. قال المقريزي: وهي ثاني دار عملت للحديث، فإن أول من بني دار حديث على وجه الأرض الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بدمشق ثم بني الكامل هذه الدار، وقد وليها بعد الحافظ ابن دحية الكلبي أخوه أبو عمرو عثمان، ثم الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري. نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١٢٩، حاشية (٢).
(٢) الحافظ أبي الخطاب بن دحية الكلبي: هو أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي بن محمد الجُمَيِّل بن فَرْح بن خلف بن قُويس بن مَزْلال بن مَلال بن بدر بن أحمد بن دِحْية بن خليفة بن فروة الكلبي، المعروف بذي النسبين، الأندلسي البلنسي الحافظ، وهو من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، متقنا لعلم الحديث النبوي، عارفا بالنحو واللغة وأيام العرب، وكانت ولادته في مستهل ذي القعدة سنة ٤٤٥ هـ. وتوفي يوم الثلاثاء الرابع عشر من ربيع الأول سنة ٦٣٣ هـ بالقاهرة، ودفن بسفح المقطم.
وفيات الأعيان، ج ٣، ص ٤٤٨ - ص ٤٥٠.
(٣) ورد هذا الخبر في الذيل على الروضتين، ص ١٤٢؛ نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١٢٨ - ص ١٢٩؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١١٢ - ١١٣؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤١٧.
(٤) ورد هذا الخبر في الكامل، ج ١٢، ص ٤٢٤، الذيل على الروضتين، ص ١٤٢؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤١٧.
(٥) "بإغلاق الباب وفتحه لمن أرادوا" تكررت هذه الجملة خطأ في الأصل، وتم حذف الجملة المكررة لاستقامة المعنى.
(٦) ورد هذا الخبر في الليل على الروضتين، ص ١٤٢ - ص ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>